هل المؤسسة العامة للتقاعد تنصف الأرامل والأيتام؟
الأربعاء - 16 ديسمبر 2020
Wed - 16 Dec 2020
حين تفقد الأسرة الأب وهو العائل والسند يتذوق أفراد الأسرة وجع الفقد واليتم، وإذا كان الأب تابعا لنظام التقاعد الحكومي ستكون احتمالية نقص راتب أفراد الأسرة التقاعدي واردا جدا إن لم يكن حتميا، سواء كان الأب متقاعدا أو على رأس الخدمة حين الوفاة.
الإشكالات التي سنناقشها في هذا المقال تهم معظم الأسر التي فقدت عائلها، خاصة إذا كانت الزوجة موظفة أو متقاعدة تابعة للمؤسسة نفسها.
نصت المادة 24 من نظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم 41/م وتاريخ 29/7/1393هـ على أنه «إذا توفي صاحب المعاش فيقرر للمستحقين عنه معاشا بقدر المعاش المستحق إذا كانوا ثلاثة فأكثر» إلى آخره.
وبينت المادة 25 من النظام أن المستحقين عن صاحب المعاش هم الزوجة والابن والبنت.. إلخ.
وبينت المادة 26 منه أن المعاش المستحق يقطع عن الأبناء إذا بلغوا سن الواحدة والعشرين، كما أن الأبناء من تجاوزوا سن الواحدة والعشرين سنة قبل وفاة صاحب المعاش لا يدرجون ضمن المستحقين عند تخصيص المعاش للورثة.
وتقول المادة 27 إن المعاش يقطع عن الزوجة والبنت من تاريخ عقد الزواج، كما أن البنات في حالة زواجهن في حياة والدهن لا يتم احتسابهن عند قسمة معاش المتوفى (التخصيص).
ونصت المادة 28 على أنه «يقف صرف المعاش عن صاحب المعاش أو المستحقين عنه إذا عُيّن أو عُينوا في وظائف ثابتة في الحكومة أو كانوا معينين فيها كذلك عند وفاة صاحب المعاش..».
وجاء في المادة 29 منه بأنه «لا يجوز لأي مستحق الحصول على أكثر من معاش».
وفي المادة 30 من النظام «إذا سقط أو أوقف نصيب أحد المستحقين لأي سبب كان، فلا يؤول نصيبه إلى باقي المستحقين..».
الحاصل أن المؤسسة العامة للتقاعد الموقرة لا تطبق مواد النظام أعلاه كما يجب، وأرى أنها تحاول جاهدة تقليص معاشات المتوفين بحساب بعض الأفراد كمستفيدين ثم اقتصاص حصصهم استنادا للمادة 29، وفي الوقت نفسه تطبيق المادتين 26 و28 على الأبناء والبنات والزوجة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يتم احتساب الزوجة الموظفة كمستحق تُقتص حصتها لصالح المؤسسة؟ علما أنها كانت موظفة قبل وفاة الزوج.. وربما قبل الزواج!
ولتتضح الصورة أكثر: لو كان مستفيد ما من أصحاب الأمراض المزمنة مثلا (ابن أو ابنة) ووالدته متقاعدة أو موظفة، فإن المؤسسة تحتسب والدته (زوجة المتوفى) مستفيدة وستخصص المؤسسة 75% من راتب مورثهما لهما، ثم تقتص 37.5% من نصيب الزوجة ويصرف للمستفيد 37.5% فقط، بينما لو لم تحتسب الزوجة كمستفيدة - وهذا هو الحق والعدل - لاستحق هذا الابن أو البنت 50% من معاش والده، أي إن الابن سيخسر 12.5% من حقه بسبب وجود والدته على قيد الحياة، وكأنها جنت عليه لأنها موظفة أو متقاعدة.
حين التحقت الزوجة بالوظيفة وعملت عقودا كان من ضمن أهدافها رفع مستوى دخل أسرتها، فراتبها من الوظيفة أو معاشها التقاعدي حق لها، وليس من حق المؤسسة أن تحرم أبناءها جزءا من معاش والدهم بسبب ذلك!
بعض الأسر تلجأ إلى ديوان المظالم لأخذ حقوقها من معاش مورثها، ولكن القضية تستمر عدة سنوات من المحكمة الإدارية حتى محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا، وكأن الأمر غير جلي!
وإذا اطلعنا على القضايا ضد مؤسسة التقاعد في موقع معين التابع لديوان المظالم، فسنجد أن معظمها بالأسلوب نفسه، والأغرب أن هناك قضية تم فيها احتساب البنات الموظفات (موظفات قبل وفاة مورثهن بسنوات) كمستفيدات ثم اقتصاص حصصهن وصرف نصف الراتب فقط لأربعة مستفيدين (الزوجة وثلاثة أبناء) متبقين!
حقيقة، لا نعلم دور قسم الشؤون القانونية في المؤسسة العامة للتقاعد، هل يرى ما يحدث أم لا؟ وما مدى علمهم به؟ أم إن ذلك نتيجة لفشل المؤسسة في استثمار أموال المشتركين؟
الكل يعلم أن نظام التقاعد الحكومي المعمول به الآن هو نظام قديم، وآخر تحديث له كان عام 1393هـ أي قبل 39 عاما، ومن أغرب ما ورد في مواد هذا النظام، وهو دليل على بعده عن الواقع، المادة 29 «يجوز الجمع بين معاشين أو أكثر إذا لم يزد مجموعها على 300 ريال شهريا..». هل 300 ريال مبلغ يسمى معاشا في وقتنا الحالي؟!
وحين نقارن بين نظام التأمينات الاجتماعية ونظام التقاعد الحكومي نجد بونا شاسعا، ففي نظام التأمينات تحسب الزوجة مستفيدة، وتصرف لها حصتها من معاش زوجها المتوفى، حتى لو كانت موظفة أو متقاعدة، وحتى لو كان كلاهما تحت مظلة التأمينات الاجتماعية، وهناك أيضا مكافأة المستفيدة من معاش المتوفى في حال زواجها تعادل نصيبها الشهري 18 مرة.
أين المؤسسة العامة للتقاعد من مثل هذا العطاء وهذا السمو؟! نحن في وطن العز والرخاء والعطاء والإنسانية، وطن العدل والحق وتحت راية التوحيد وتحت رعاية والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وأيده، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان أعزه الله، نأمل أن يصل صوت الأسر التي تضررت كثيرا من عدم تطبيق المؤسسة العامة للتقاعد لحقيقة النظام، وإنصاف المستفيدين ورفع هذا الظلم عنهم وإعادة الحقوق لأهلها، وتحديث هذا النظام الذي لا يتواكب مع غايات قادة البلاد، التي على رأسها رفاهية المواطن.
دمت يا وطني شجرة وارفة تظلل جميع أبنائك وتوفر لهم العيش الكريم.
@norh78
الإشكالات التي سنناقشها في هذا المقال تهم معظم الأسر التي فقدت عائلها، خاصة إذا كانت الزوجة موظفة أو متقاعدة تابعة للمؤسسة نفسها.
نصت المادة 24 من نظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم 41/م وتاريخ 29/7/1393هـ على أنه «إذا توفي صاحب المعاش فيقرر للمستحقين عنه معاشا بقدر المعاش المستحق إذا كانوا ثلاثة فأكثر» إلى آخره.
وبينت المادة 25 من النظام أن المستحقين عن صاحب المعاش هم الزوجة والابن والبنت.. إلخ.
وبينت المادة 26 منه أن المعاش المستحق يقطع عن الأبناء إذا بلغوا سن الواحدة والعشرين، كما أن الأبناء من تجاوزوا سن الواحدة والعشرين سنة قبل وفاة صاحب المعاش لا يدرجون ضمن المستحقين عند تخصيص المعاش للورثة.
وتقول المادة 27 إن المعاش يقطع عن الزوجة والبنت من تاريخ عقد الزواج، كما أن البنات في حالة زواجهن في حياة والدهن لا يتم احتسابهن عند قسمة معاش المتوفى (التخصيص).
ونصت المادة 28 على أنه «يقف صرف المعاش عن صاحب المعاش أو المستحقين عنه إذا عُيّن أو عُينوا في وظائف ثابتة في الحكومة أو كانوا معينين فيها كذلك عند وفاة صاحب المعاش..».
وجاء في المادة 29 منه بأنه «لا يجوز لأي مستحق الحصول على أكثر من معاش».
وفي المادة 30 من النظام «إذا سقط أو أوقف نصيب أحد المستحقين لأي سبب كان، فلا يؤول نصيبه إلى باقي المستحقين..».
الحاصل أن المؤسسة العامة للتقاعد الموقرة لا تطبق مواد النظام أعلاه كما يجب، وأرى أنها تحاول جاهدة تقليص معاشات المتوفين بحساب بعض الأفراد كمستفيدين ثم اقتصاص حصصهم استنادا للمادة 29، وفي الوقت نفسه تطبيق المادتين 26 و28 على الأبناء والبنات والزوجة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يتم احتساب الزوجة الموظفة كمستحق تُقتص حصتها لصالح المؤسسة؟ علما أنها كانت موظفة قبل وفاة الزوج.. وربما قبل الزواج!
ولتتضح الصورة أكثر: لو كان مستفيد ما من أصحاب الأمراض المزمنة مثلا (ابن أو ابنة) ووالدته متقاعدة أو موظفة، فإن المؤسسة تحتسب والدته (زوجة المتوفى) مستفيدة وستخصص المؤسسة 75% من راتب مورثهما لهما، ثم تقتص 37.5% من نصيب الزوجة ويصرف للمستفيد 37.5% فقط، بينما لو لم تحتسب الزوجة كمستفيدة - وهذا هو الحق والعدل - لاستحق هذا الابن أو البنت 50% من معاش والده، أي إن الابن سيخسر 12.5% من حقه بسبب وجود والدته على قيد الحياة، وكأنها جنت عليه لأنها موظفة أو متقاعدة.
حين التحقت الزوجة بالوظيفة وعملت عقودا كان من ضمن أهدافها رفع مستوى دخل أسرتها، فراتبها من الوظيفة أو معاشها التقاعدي حق لها، وليس من حق المؤسسة أن تحرم أبناءها جزءا من معاش والدهم بسبب ذلك!
بعض الأسر تلجأ إلى ديوان المظالم لأخذ حقوقها من معاش مورثها، ولكن القضية تستمر عدة سنوات من المحكمة الإدارية حتى محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا، وكأن الأمر غير جلي!
وإذا اطلعنا على القضايا ضد مؤسسة التقاعد في موقع معين التابع لديوان المظالم، فسنجد أن معظمها بالأسلوب نفسه، والأغرب أن هناك قضية تم فيها احتساب البنات الموظفات (موظفات قبل وفاة مورثهن بسنوات) كمستفيدات ثم اقتصاص حصصهن وصرف نصف الراتب فقط لأربعة مستفيدين (الزوجة وثلاثة أبناء) متبقين!
حقيقة، لا نعلم دور قسم الشؤون القانونية في المؤسسة العامة للتقاعد، هل يرى ما يحدث أم لا؟ وما مدى علمهم به؟ أم إن ذلك نتيجة لفشل المؤسسة في استثمار أموال المشتركين؟
الكل يعلم أن نظام التقاعد الحكومي المعمول به الآن هو نظام قديم، وآخر تحديث له كان عام 1393هـ أي قبل 39 عاما، ومن أغرب ما ورد في مواد هذا النظام، وهو دليل على بعده عن الواقع، المادة 29 «يجوز الجمع بين معاشين أو أكثر إذا لم يزد مجموعها على 300 ريال شهريا..». هل 300 ريال مبلغ يسمى معاشا في وقتنا الحالي؟!
وحين نقارن بين نظام التأمينات الاجتماعية ونظام التقاعد الحكومي نجد بونا شاسعا، ففي نظام التأمينات تحسب الزوجة مستفيدة، وتصرف لها حصتها من معاش زوجها المتوفى، حتى لو كانت موظفة أو متقاعدة، وحتى لو كان كلاهما تحت مظلة التأمينات الاجتماعية، وهناك أيضا مكافأة المستفيدة من معاش المتوفى في حال زواجها تعادل نصيبها الشهري 18 مرة.
أين المؤسسة العامة للتقاعد من مثل هذا العطاء وهذا السمو؟! نحن في وطن العز والرخاء والعطاء والإنسانية، وطن العدل والحق وتحت راية التوحيد وتحت رعاية والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وأيده، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان أعزه الله، نأمل أن يصل صوت الأسر التي تضررت كثيرا من عدم تطبيق المؤسسة العامة للتقاعد لحقيقة النظام، وإنصاف المستفيدين ورفع هذا الظلم عنهم وإعادة الحقوق لأهلها، وتحديث هذا النظام الذي لا يتواكب مع غايات قادة البلاد، التي على رأسها رفاهية المواطن.
دمت يا وطني شجرة وارفة تظلل جميع أبنائك وتوفر لهم العيش الكريم.
@norh78