آلاء لبني

التطوع المجتمعي

الخميس - 10 ديسمبر 2020

Thu - 10 Dec 2020

التطوع أحد أسس التنمية بأركانها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، فنجاحه يعود بنماء وتطوير المجتمع. في مطلع هذا العام، من الأمور المحمودة صدور نظام التطوع بالمملكة، وتفعيل منصة العمل التطوعي من قبل وزارة الموارد البشرية، مما زاد في الفرص التطوعية.

مر اليوم العالمي للتطوع في 5 ديسمبر، وتشاركت فيه الجهات لدعم التطوع وإظهار دورها وما تقدمه من جهود وتنظيم الأعمال التطوعية.

التطوع إجراء تغييرات كانت بسيطة أو كبيرة لها أثر ونفع عظيم، حين تقدم العون أو تعلم علما أو تنشر وعيا تحقق القيمة والأثر النوعي الملموس.

نحتاج إلى تنمية الأثر النوعي في كل المجالات، دون أن يتحول التطوع لهدر مالي لا قيمة له، بأفكار وفعاليات لا تشمل مراعاة جوانب النفع الثلاثة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، كإقامة حملات النظافة لشوارع تصرف لها ميزانيات لنظافتها! أو حملات هدفها الاستعراض، أو دعم تنظيم فعاليات مدفوعة قيمتها المالية لشركات أو مؤسسات غير ربحية تستغل المتطوعين في تنظيم العمل!

شتان بينها وبين العمل التطوعي والكشفي مثلا بمكة، فهو يتميز بجهود تطوعية لقضاء حاجات ضيوف الرحمن بتوزيع المأكولات والمشروبات وإيصال بعض المعتمرين من فنادقهم إلى جهات مختلفة، وتطويف المعتمرين والحجاج وإعانة المرضى وكبار السن منهم. وكذلك المتطوعين في الإنقاذ ومساعدة الأنفس والأرواح، حتى الكائنات الحية. فالتطوع إلزام الإنسان نفسه بإحداث الفرق في الحياة ووضع البصمة.

قبل مدة وجيزة مات أحد الأشخاص بالرياض، كان يذهب للمناطق البرية ليضع الطعام للكلاب الضالة والقطط، ويدير عددا من المآوي ولا يعلم بما يقوم به إلا فئة قليلة أظهرت عمله بعد موته. امرأة مسنة بأمريكا تجمع بين أعمال ذات أثر بيئي ومساعدة المحتاجين، تجمع الأكياس البلاستيكية وتعيد تدويرها، بنسجها وصناعة حصير ووسائد خفيفة الوزن ومقاومة للماء ومريحة توزع على المشردين. شاب بالأردن أحدث فرقا في المكان فأضاء قرية بأكملها بالطاقة الشمسية بتطوع منه عبر تركيب ألواح شمسية للمنازل. كما غطت قناة الإخبارية قصة رجل بريطاني بالخبر طيلة 30 عاما كان يخرج أسبوعيا ليميط الأذى برفع النفايات عن الشواطئ، ولم يسجل ساعات تطوعه!

التطوع البيئي أحد المجالات التي ما زالت تحتاج لأبعاد أكثر عمقا وشمولية، فالدافع هو المحافظة على البيئة وتحسين علاقة الإنسان ببيئته بوقف الممارسات الخاطئة، وتنمية الإحساس بالمكان، والتبليغ عن المخالفات المدمرة للبيئة، وتنمية المراقبة البيئية، ورصد التغيرات وتتبع للحياة الفطرية مثلا، وغير ذلك من الأنشطة التي يمكن أن يساهم فيها المهتمون والهواة في المشاريع المجتمعية، وتثقيف الآخرين حول البيئة الطبيعية والغطاء النباتي والأعشاب الضارة والأنواع الغازية ورعاية الحيوانات والرفق بها. المتطوعون في الإنترنت في مجال المهارات الإعلامية والتقنية، ودعم التبرع المالي من قبل المجتمع.

نحتاج فرقا تطوعية بيئية تربوية، وهو أحد أنواع التطوع البيئي الذي ينقصنا لتحسين نمط الحياة. فمن الخطأ أن يكون أحدهم مهتما بالبيئة ويكون مستهلكا نهما! من الضروري تقليل الاستهلاك وعدم شراء الأغراض والمواد قليلة الجودة كالبلاستيك الرخيص والتخلص من الأغراض الفائضة وإعادة الاستخدام، والحرص من أين تشترى والتوعية بالتجارة العادلة والمواد المستخدمة. التربية والرسائل التوعوية تساهم في تأسيس هذا النمط لجيل واع، فقيمتنا ليست بكثرة الامتلاك والاستهلاك بل بالعطاء.

كل ذلك دون أن نغفل تنمية دور المرأة في التوعية البيئة، لدورها العظيم في التربية وغرس حب البيئة في الأطفال. شخصيا والدتي علمتنا قيمة الأغراض والمواد والاستهلاك السليم وإعادة الاستخدام والتدوير، تحولت المعلومة لتطبيق عملي، فالموارد الطبيعية نعمة، مثلا تجمع الأوراق الزائدة من الدفاتر للاستفادة كدفتر ملاحظات، كل شيء عندها قابل لإعادة الاستخدام والتدوير، قشر الفستق سيتحول إلى لوحة فنية، التبرع بالملابس الجيدة له يوم مخصص، وتجمع الأقمشة الزائدة لتصنع منها أغراضا جميلة، خلقت الشغف بالبيئة.

ختاما، قال تعالى «من تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم»، التطوع زيادة بالخير، سواء كان فرديا أو جماعيا، مسجلا بعدد ساعات أم لا. قال المصطفى «خير الناس أنفعهم للناس»، فكل منا يختار المنحى الذي يناسبه ويناسب وضعه الاجتماعي وإمكاناته، بجهد شخصي أو منظم، تحت مظلة فرق أو جمعيات أو جهات حكومية.

نحن مع أهمية العمل المؤسسي وضرورته للمجتمع، لكن لا نتفق مع لوم البعض والاعتراض على الفرق التطوعية، يكفي مزايدة على الناس لعدم تحويل نشاطهم إلى جمعية! ليس كل المهتمين بفكر التطوع متفرغين أو راغبين بعمل الجمعيات، فلا داعي إلى تقليل من جهودهم، وربما يكون أثر بعض الفرق والأشخاص يفوق أثر جمعيات متخصصة.

@AlaLabani_1