عبدالله العولقي

هل تواجه الديمقراطية تحديات صعبة؟

الخميس - 03 ديسمبر 2020

Thu - 03 Dec 2020

بعد انهيار وتفكك منظومة الاتحاد السوفيتي عام 1989، نجحت الديمقراطية الغربية في تسويق شعاراتها عالميا على حلول سياسية مثلى للشعوب والأنظمة الأخرى، بل واستعملتها بعض القوى الغربية كجزء من أوراق الضغط السياسي في تعاملاتها الخارجية.

أما بالنسبة لبيئتنا العربية فقد ظلت الفكرة عصية على تطويع الذهنية العربية، واكتفت بمجرد مظاهر سلبية لا تتعدى في نمطيتها السياسية فكرة المحاصصة في توزيع المناصب والحقائب الوزارية على القوى السياسية السائدة، كما هو حال التجارب المؤلمة في العراق ولبنان واليمن.

فالتجربة العربية لم تثمر في حقيقتها عن تقديم حلول ناجعة للمشكلات المجتمعية كالفقر والبطالة والتنمية الاقتصادية، بقدر ما كانت بوابة خفية لتسلل النفوذ الخارجي عبر شراء ذمم الأحزاب المحلية، كما نراها جلية في حالة حزب الله أو أنصار الله أو أحزاب الإخوان المتأسلمة بمسمياتها المختلفة.

لقد اكتفى الإعلام الغربي حينها بإظهار مزايا ومحاسن الديمقراطية الغربية دون التطرق إلى جانب المساوئ الإدارية، حتى عصفت كورونا بالعالم، وكشفت الجائحة جزءا مهما من مثالب الآلية الديمقراطية، ولا سيما عدم قدرتها السريعة على احتواء الأزمات الوبائية، مما اضطر بعض هذه الديمقراطيات إلى ممارسة سلوكيات لا تنتمي إلى منظومة الفكر الديمقراطي، فهل ستتسبب الجائحة الكورونية في إعادة النظر حول مفهوم الديمقراطية بصيغته الآنية وتحويره مستقبلا إلى نمطية حديثة تكون أقرب لفكرة الحكومة المركزية؟

الدول التي نجحت في التعامل مع الفيروس واحتواء الأزمة الكورونية هي دول مركزية، وأهمها دول كبرى تصنف في الجهة المضادة للولايات المتحدة ولا تنتمي إلى المنظومة الديمقراطية الغربية، كالصين وروسيا وكوريا الشمالية، وهي دول نجحت تماما في إبراز هوية نظام القيادة الواحدة وقدراته الفاعلة على مواجهة الأزمات الوبائية الطارئة.

معضلة أخرى تواجهها الديمقراطية الغربية، تتجلى في تعاظم نفوذ شركات التكنولوجيا العملاقة، وتنامي الشكوك الإعلامية باستمرار حول تعاظم قدراتها ونفوذها السياسي في داخل المنظومة الغربية، بشكل يفقد الآلية الديمقراطية مرونتها الفاعلة وقدرتها على تمثيل الاقتراعات الشعبية الحقيقية، مما اضطر الكونجرس الأمريكي إلى استدعاء المديرين التنفيذيين لهذه الشركات وإجراء تحقيق نيابي عام حول قدرات هذه التقنية المتصاعدة في التأثير الدعائي على مسار الانتخابات النيابية أو الرئاسية، ومدى قدرتها الفعلية على التأثير المجتمعي في الرأي العام الأمريكي.

هناك أحاديث جادة وعميقة لدى وسائل الإعلام الغربية المتأثرة ببعض دراسات مراكز الأبحاث الاستراتيجية حول فكرة إعادة النظر في بعض مفاهيم الديمقراطية كالحرية المجتمعية بصورتها الفردية الخالصة، التي تأسست كنتيجة تاريخية آنية لمفرزات وأحداث الثورة الفرنسية في عام 1789، ولا سيما أن هناك معطيات جديدة برزت على الساحة السياسية وهي تنامي الموجات الشعبوية اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا، وهي حركات وأحزاب قومية عنصرية تعادي القيم الديمقراطية ولا تؤمن بقيمها التاريخية والثقافية، ولهذا يظل السؤال الأهم مفتوحا أمام المستقبل، هل ستصمد الديمقراطية الغربية أمام هذه التحديات؟

albakry1814@