هل فشلت سياسة ترمب في ردع إيران؟

بيلار: استفزازات الرئيس الحالي دفعت طهران لتوسيع أنشطتها الشريرة في المنطقة ضاعفت إنتاجها لليورانيوم 12 مرة ولم تدفعها السياسة الحالية إلى «اتفاق جديد» تدخلات إسرائيل المتكررة ساهمت في الفشل الذريع في إسقاط نظام الملالي
بيلار: استفزازات الرئيس الحالي دفعت طهران لتوسيع أنشطتها الشريرة في المنطقة ضاعفت إنتاجها لليورانيوم 12 مرة ولم تدفعها السياسة الحالية إلى «اتفاق جديد» تدخلات إسرائيل المتكررة ساهمت في الفشل الذريع في إسقاط نظام الملالي

الثلاثاء - 24 نوفمبر 2020

Tue - 24 Nov 2020








دونالد ترمب                                                                                               (د ب أ)
دونالد ترمب (د ب أ)
رغم العقوبات الكبيرة التي فرضتها الإدارة الأمريكية الحالية تجاه إيران إلا أن البعض يرى أنها لم تأت بالنتائج المرجوة، ولم تفلح في ردع طهران وإنهاء سياستها التخريبية والتدميرية في المنطقة.

يرى بول بيلار، الأستاذ الجامعي الذي عمل طوال 28 عاما في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، في تقرير نشرته مجلة «ذا ناشونال إنتريست» الأمريكية، أن سياسة ترمب لم تعتمد على أي تقديرات بشأن ما هو الأفضل لتعزيز سبل الحد من الانتشار النووي، أو الحد من تصعيد الصراعات في الشرق الأوسط، أو غيرها من المصالح الأمريكية، ولكنها كانت قائمة على أساس اضطرار ترمب لعمل عكس كل ما قام به باراك أوباما.

وأكد أن إنجاز السياسة الخارجية البارز الذي يحسب لأوباما كان الدبلوماسية التي أدت إلى التوصل لاتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة (المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني)، وهو الاتفاق الدولي الذي أغلق كل المسارات الممكنة أمام إنتاج سلاح نووي إيراني. ومن ثم كان يتعين على ترمب التخلص من هذا الاتفاق.

12 ضعفا

ويقول «لم تكتف إدارة ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، إنما شنت طوال العامين ونصف العام الماضية حربا اقتصادية مطلقة ضد إيران، وكان ذلك وقتا كافيا للغاية لأن تسفر سياسة « الضغط القصوى» التي اتبعها ترمب ضد إيران عن نتائج إيجابية، هذا إذا كان من الممكن أن تسفر عن أي نتائج. وبدلا من ذلك فشلت تلك السياسة على كل الجبهات.

وقال بيلار إنه بدلا من أي اقتراب للتوصل إلى «اتفاق أفضل» بشأن القضايا النووية، وسعت إيران من نطاق نشاطها النووي لدرجة أنها قامت بتخزين 12 ضعف كمية اليورانيوم المخصب التي كانت تمتلكها في ظل قيود الاتفاق النووي، وبدأت في استخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما لتحقيق المزيد من التخصيب.

استفزازات وشر

وبدلا من كبح الأنشطة «الشريرة « لإيران في المنطقة، استفزت سياسات ترمب إيران مما دفعها للانتقام، خاصة، بمهاجمة المنشآت النفطية لدول أخرى- وهو أمر لم يكن لدى إيران أي دافع على الإطلاق للقيام به قبل حرب أمريكا الاقتصادية، ومحاولتها تدمير تجارة إيران النفطية، وبدلا من أن تؤدي سياسات ترمب إلى أن تكون هناك قيادة سياسية إيرانية أكثر قبولا، شوهت سمعة القيادات الأكثر قبولا وعززت موقف المتشددين في طهران.

ورغم كل ذلك الفشل ما زالت الإدارة الأمريكية تواصل حتى النهاية سياسة الضغط القصوى، وتحاول إيجاد المزيد من المؤسسات الإيرانية لفرض عقوبات عليها رغم أن العقوبات أصبحت الآن هائلة بالفعل لدرجة أن إضافة أي عقوبات أخرى عليها لن تحدث أي فارق مميز.. وفقا لرؤية الكاتب.

وأوضح بيلار أنه قد تكون هناك عدة تفسيرات لهذا التمسك العنيد بالفشل، أحدها ببساطة غياب أي أفكار أفضل طالما أن رفض الاتفاق النووي الإيراني ما زال هو العقيدة الراسخة للإدارة الأمريكية، وهناك تفسير آخر وهو احتمال إيمان ترمب فعلا بفكرة أن مجرد ممارسة القليل من زيادة الضغط لفترة أطول قليلا ستقضي على إرادة الإيرانيين.

جدار عقوبات

ومع ذلك، هناك تفسير آخر، وهو أنه في الحقيقة لم يفقد أي سياسي أمريكي أصوات الناخبين طالما كان متشددا تجاه إيران، وتحديدا يرى ترمب أن الدعم المطلق الذي تحظى به حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إسرائيل - التي لديها أسبابها الخاصة لاعتبار إيران على الدوام بعبعا في المنطقة ورفض أي دبلوماسية معها- هو جزء أساسي لقاعدته السياسية.

وهناك دافع أكثر تدبيرا بالنسبة للإدارة الأمريكية، ولأولئك الذين يتبعون برنامج نتنياهو الخاص بتعزيز المواجهة والعداء الدائم مع إيران، وهو بناء» جدار عقوبات» مرتفع للغاية، من شأنه أن يعرقل قدرة إدارة بايدن على العودة إلى الدبلوماسية، والإذعان للاتفاق النووي الإيراني، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي بارك هذا الاتفاق. ومن المؤكد أن هذا الكم الهائل من العقوبات سوف يمثل تعقيدا بالنسبة للإدارة الجديدة.

شعور باليأس

وقال بيلار إن شعور ترمب باليأس في نهاية ولايته من تحقيق أي شيء جديد يمكن اعتباره إنجازا أدى إلى أن يطلب خيارات عسكرية لمهاجمة منشأة إيران النووية الرئيسية في نطنز، ولكن تردد أن مساعديه ثنوه عن هذه الفكرة. ومن المؤكد أن أحد التفسيرات وراء تفكيره في هذا الهجوم هو تعقيد الأمور بالنسبة لإدارة بايدن. ورغم عدول ترمب عن القيام بهجوم على تلك المنشأة النووية الإيرانية، فإنه قد يعتمد على صديقه نتنياهو للقيام بالمهمة نيابة عنه.

واختتم بيلار تقريره بالقول إن تعامل ترمب عموما مع قضية إيران كان أحد الأمثلة الأكثر ضررا، ووضوحا، على إخضاع المصالح الأمريكية المتعلقة بقضية سياسة خارجية مهمة لأغراض حزبية وشخصية. كما أن تعامله مع هذه القضية أسهم بدرجة كبيرة في زيادة عزلة الولايات المتحدة وانتقاص مصداقيتها طوال السنوات الأربع الأخيرة. وقد لا يهتم ترمب بأي أمر من الأمور بمجرد أن يترك منصبه، لكن التأثيرات الضارة على مصالح الولايات المتحدة سوف تكوين طويلة المدى.