حنان المرحبي

من نحن!

الاثنين - 11 يوليو 2016

Mon - 11 Jul 2016

عاداتنا وردود أفعالنا تمثل هويتنا. إدراك الإنسان لمبادئه وقيمه هو السبيل الذي من خلاله يستطيع أن يستوعب هويته.

عاداتنا هي ردود أفعالنا التلقائية التي لا يتطلبها حضور الوعي ولا الأوامر العقلية كي تتفاعل مع الظروف والأحداث، وهي كنظام سلوكي تتم برمجته في العقل وفقا للمواقف أو التجارب أو المعارف السابقة. وسوف يتحكم هذا النظام في فهمنا لمشاكل الحياة التي سنواجهها وردود أفعالنا تجاهها سواء كنا نعي ذلك أو لا.

وقد نعيش حالة من اللاوعي على الرغم من إحساسنا بأننا نرى ونستجيب للحالات والظروف التي تحدث من حولنا، لأننا قد نتفاعل مع الأحداث التي نشهدها على مستوى معين من الوعي (أو بناء على آخر تحديث للنظام السلوكي الذي نتبناه)، ولا ندرك أنه ليس المستوى الأمثل (أو التحديث الأخير).

على سبيل المثال، القراءة كمشكلة تعاني منها أمة اقرأ. وفيها يشير الوعي العام بأصابع الاتهام للقارئ الكسول أو غير المبالي كأهم سبب من أسباب تلك المشكلة.

ولكن هناك منظورا آخر يرى أن الكتّاب المبدعين والكتب العربية الجيدة نادرة، وأغلب المصادر المتوفرة إما متخصصة (يصعب فهمها من قبل غير المختصين) أو دون المستوى (رديئة لغويا أو مبهمة). أضف إلى ذلك، في السنوات الأخيرة برهنت وسائل التواصل الاجتماعي أن العرب أناس شغوفون بتبادل المعارف وقراءتها (بناء على كثافة ما يتم تداوله، بغض النظر عن جودته). واليوم تساهم تلك الوسائل بإبراز الكتب العربية الجيدة من خلال التوصيات التي يطلقها القراء بناء على تجاربهم (من المتوقع أن ينتج عن ذلك ارتفاع في معدلات شراء الكتب والقراءة).

هناك أسباب عديدة مهمة لمشكلة تراجع معدلات القراءة، وعلى الرغم من ذلك، فإن مستوى الوعي الذي عاشته الأمة في العقد الماضي لم يدرك عامل رداءة الكتابة أو صعوبة الوصول للمصادر الجيدة، وكان يعيش حالة من اللاوعي (جزئيا) مرددا العبارة الشهيرة «أمة اقرأ لا تقرأ».

مستوى وعي الأمة في مشكلة القراءة لم يكن الأمثل، ومنه تستطيع أن ترى كيف أننا قد نمارس سلوكيات وردود أفعال نعتقد أننا على وعي تام بظروفها وأسبابها ونحن في الواقع لا نعي سوى جزء يسير حولها (من دون أن ندرك).

من نحن؟ ما هي هويتنا (عاداتنا وسلوكياتنا)؟ على أي مستوى من الوعي نحن الآن (متأخر، أم أمثل)؟ وما هو مستوى الوعي الذي ينبغي أن نصل إليه لأجل المرحلة القادمة حتى نتمكن من رؤية المشكلات بعين ملمة ومعالجتها بحلول فعالة؟ تساؤلات يجب طرحها على النفس باستمرار كي لا تتقادم هويتها.

فأولى الخطوات نحو بناء الشخصية المتميزة والقوية من الداخل قبل الخارج هي إدراك ما يتحكم في تشكيل العادات والسلوكيات وتقييم مستواها. وذلك يعد الخطوة الأهم لامتلاك عدسات عالية الجودة تمكن صاحبها من الوصول إلى رؤية تتخطى الأبعاد المعتادة وتحقق السبق المعرفي في كل شيء تقع عليه. الشخصية القوية ورؤيتها الثاقبة أمران يصبان في إعادة تغذية وتحديث الوعي (الذي سينعكس على العادات والسلوكيات) بشكل متفوق وسباق.

[email protected]