لماذا ينتحر الأطفال في إيران؟

المرصد الحقوقي: الفقر المدقع وراء لجوء كثير من الأطفال لشنق أنفسهم والدة زاده حملت المدرسة مسؤولية موت ابنها ثم تراجعت تحت الضغط ابنة الـ13 انتحرت بسبب عدم امتلاك هاتف تتابع من خلاله دروسها زينب اختارت أن تفارق الحياة لأنها لم تكن ترتدي ملابس جديدة 36 % يتسربون من المدارس بسبب عدم قدرتهم على توفير الاحتياجات
المرصد الحقوقي: الفقر المدقع وراء لجوء كثير من الأطفال لشنق أنفسهم والدة زاده حملت المدرسة مسؤولية موت ابنها ثم تراجعت تحت الضغط ابنة الـ13 انتحرت بسبب عدم امتلاك هاتف تتابع من خلاله دروسها زينب اختارت أن تفارق الحياة لأنها لم تكن ترتدي ملابس جديدة 36 % يتسربون من المدارس بسبب عدم قدرتهم على توفير الاحتياجات

الثلاثاء - 27 أكتوبر 2020

Tue - 27 Oct 2020

فيما تنشط كل دول العالم في فتح المدارس والملاهي ووسائل الترفيه والتعليم لأطفالها الصغار، يصطدم الأبرياء في إيران بمشاهد الموت، ويواجهون مصيرا مجهولا ينتهي ببعضهم إلى الانتحار وشنق أنفسهم، كما أكدت حوادث تكررت في الآونة الأخيرة.

أكد مرصد حقوق الإنسان الإيراني أن الانتحار شنقا يعد أكثر أشكال الانتحار شيوعا في إيران، مشيرا إلى أن الأطفال تعلموا ذلك من عمليات الإعدام العلنية والجماعية التي يقوم بها نظام الملالي، في إطار عملية قمع لا تتوقف في جميع المحافظات.

واعترف رئيس الجمعية العلمية للعمل الاجتماعي الإيراني مصطفى إغليمة، بأن مشاهدة الأطفال للإعدامات التي ينفذها النظام الإيراني علنا قد ساهمت بالتأثير على إنهاء حياتهم، وأكد أن السبب وراء الزيادة في حالات انتحار المراهقين شنقا بالبلاد هو أن «المجتمع يكاد ينفجر من الضغط».

انتحار عازار

ونقل موقع (الحرة) عنه أن حالات الانتحار لا يمكن منعها إلا بعد القضاء على الأسباب الكامنة وراءها، ومنها الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، وأبدى استغرابا لعدم اكتراث النظام الإيراني للظاهرة وقال «لو حدثت حالات انتحار الأطفال هذه في بلد آخر، لكان حاكم تلك المدينة أو رئيسها قد استقال، لأنهم هم من يقفون وراء البطالة والفقر والكوارث الاجتماعية».

وأشار إلى أن وسائل إعلامية إيرانية توثق بصفة دورية حالات انتحار وسط الشباب والمراهقين بسبب الضغوط الاجتماعية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع فرص العيش الكريم في البلاد، حيث انتحرت طفلة أخرى في إيران، الثلاثاء الماضي، بسبب الفقر وعدم امتلاك هاتف ذكي للمشاركة في الدروس عبر الإنترنت، وفق موقع المرصد.

وبحسب المصدر ذاته، انتحرت الطفلة، باراستو جليلي عازار، البالغة 13 عاما، بسبب عدم امتلاكها هاتفا يسمح لها بمتابعة الدروس عبر الإنترنت، بينما المدارس مغلقة بسبب وباء كورونا المستجد.

ولم تتحمل أسرتها الفقيرة شراء هاتف ذكي لها بحسب المرصد، الذي كشف في السياق أن عازار ليست الضحية الأولى للفقر.

قصة زاده

وانتحر الشهر الماضي، طفل آخر يبلغ 11 عاما ويدعى محمد مصوي زاده، حيث شنق نفسه في مدينة بوشهر الجنوبية الغربية في 10 أكتوبر، لأنه لم يكن لديه هاتف ذكي يسمح له بالمشاركة في دروس عبر الإنترنت، وقالت والدته وقتها، إن مدرسة ابنها لم تمنح محمد هاتفا ذكيا على الرغم من وعودها.

وتسبب الحادث في غضب وطني، بينما تراجعت الأم في وقت لاحق، وغيرت تصريحاتها، بسبب ضغط النظام، وفق المصدر نفسه، وقالت إن المدرسة دعمت محمد وساعدته، ونقلت وكالة الأنباء الحكومية «ركنا» عن والدة محمد قولها «كانت لدينا مشكلة لمدة شهرين أو ثلاثة، لم يكن لدى ابني هاتف مناسب» وأن الهاتف المحمول الذي كان بحوزته معيب.

وأضافت «لم تكن لدينا حياة جيدة، كنا نعيش في منزل مستأجر مع زوج مريض»، وأكدت أن ابنها كان بحاجة إلى هاتف محمول، لأن الهاتف الذي كان لديه لم يكن يعمل بشكل صحيح، ولم يستطع بالتالي إرسال مقاطع صوتية كما طلب منه معلمه، وبحسب روايتها قال له معلمه «اذهب لوالدك واشتك له».

الفقر السبب

وأكد المرصد الحقوقي الإيراني أن هناك الكثير من الأمثلة لأطفال ينتحرون في إيران جراء الفقر المدقع، مثل روجان (14 سنة)، وسنندج التي انتحرت عن عمر 17 عاما في عبادان في سبتمبر 2020.

وفي أكتوبر أيضا، انتحرت عسل (16 عاما) في رباط كريم، وكذلك زهرة (16عاما) في كنجان بوشهر، وكذا مرتضى الذي كان يبلغ 10 أعوام، في إيلام، بالإضافة إلى موبينا (11 عاما) في طهران، وقال المرصد إن هذه ليست سوى أمثلة قليلة على عمق الكارثة الإنسانية التي نشأت في ظل حكم الملالي في إيران.

ولفت المرصد إلى أن النظام وعد بأنه سوف يلبي متطلبات التعليم عبر الإنترنت مجانا، بما في ذلك توفير الهواتف الذكية والإنترنت المجاني للطلاب، إلا أن المسؤولين الحكوميين يتوقعون احتمال تسرب 36% من الأولاد، بسبب الفقر وعدم القدرة على توفير الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية، ولا سيما في المناطق الريفية.

ونقلت صحيفة جافان التي تديرها الدولة في 1 سبتمبر 2020 عن المدير العام للتعليم في محافظة كرمان قوله إن «أكثر من 240 ألف طالب في محافظة كرمان ليست لديهم هواتف ذكية».

ملابس زينب

وكشف تحقيق لصحيفة «حمدلي» الإيرانية جانبا من انتحار الأطفال، حيث أكد أنها «ليست المرة الأولى التي يدفع فيها الفقر أطفال دولة غنية مثل إيران إلى الانتحار»، وذكر بزينب التي شنقت نفسها في إيلام في مارس الماضي لأنها لم تكن ترتدي ملابس جديدة للعام الجديد، وقالت الصحيفة إن أمنيتها الأخيرة كانت شراء مجموعة من الملابس الجديدة لعيد النوروز.

ونشرت قصة أرمين (11 عاما) الذي كان يعيش في منطقة جعفر أباد في كرمانشاه، وانتحر بتناول حبوب منع الحمل «بسبب الجوع والفقر»، وقالت «على الرغم من حالات انتحار الأطفال شنقا والتي يبدو أنها في ارتفاع ملحوظ خلال السنوات الأخيرةـ إلا أن الإعدامات العلنية لا تزال معروضة في إيران ونحن في عام 2020»

ونظرا للانخفاض القياسي لعملة البلاد والمشاكل الاقتصادية في إيران، ارتفع خط الفقر لأسرة مكونة من أربعة أفراد إلى 10 ملايين تومان (نحو 314 دولارا)، ومع الزيادة الحادة في أسعار الالكترونيات، لا يستطيع سوى عدد محدود من الطلاب شراء الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية للدروس عبر الإنترنت.

أرقام الفقر في إيران:

314 دولارا دخل أسرة مكونة من 4 أفراد في إيران

60 مليون إيراني يواجهون ظروفا اقتصادية صعبة

50 % من عدد السكان البالغ 84 مليونا يواجهون الفقر

16 % يعيشون تحت خط الفقر

15 عاما وأقل يمثلون

46 % من النسيج المجتمعي

60 عاما وأكثر يمثلون 03% فقط من المجتمع