إمروايا باسلة!
الأحد - 23 أغسطس 2020
Sun - 23 Aug 2020
الابتعاد عن الكتابة اليومية أجمل ما يمكن أن يحدث للكاتب اليومي، لا يفسدها سوى شيء واحد وهو الأيام الأولى بعد العودة إليها، فالكتابة تحتاج لياقة هي الأخرى، وأنا أكتب هذا المقال بعد شهر ونصف من الانقطاع أبدو كلاعب معتزل يشارك في مباراة خيرية، أعرف ما يفترض أن أقوم به لكني لا أقدر على فعله.
والمشكلة ليست في الكلام فقط، لأن «إمروايا باسلة»، وباسلة هنا تعني كثيرة ولا علاقة لها بالبسالة التي تعني الشجاعة والإقدام، ولكنها من «بسل» أي زاد وكثر حتى قلت الرغبة فيه.
لكن المشكلة في من يتلقى هذا الكلام ويسمعه، فسوء نية المتحدث أو الكاتب هو أوضح «الإعدادات الافتراضية» لدى المستمع أو القارئ.
يندر أن تجد أحدا يستنتج بنفسه، الغالب أن يوضع المتحدث أو الكاتب في إطار قبل الاستماع أو القراءة، ومن ثم يبدأ في البحث عن أدلة في الكلام على صحة هذا الافتراض وإن لم يجد أدلة ظاهرة افترض أدلة مخفية وأول الكلمات لتناسب وتلائم تصوراته السابقة، والتي لم يصل إليها بنفسه في الغالب ولكنه سلم عقله لمن يضع له افتراضاته ويصنف له الناس والأشياء.
والحقيقة أن هذا من أعجب ما ابتلي به الناس في هذا الزمن، فوسائل المعرفة والاطلاع والبحث أصبحت متاحة وميسورة لكل أحد، لكن النتيجة لم تكن كما يفترض أن تكون مع كثرة وسائل توسيع المدارك، الحاصل أن تسليم الناس عقولهم لغيرهم أصبح أكثر شيوعا من عصر ما قبل تعدد وسائل المعرفة.
ثم إن أضفنا إلى هذه الجائحة جائحة أخرى وهي «الحساسية المفرطة» من الكلام الذي لا يروق لنا، واعتبار كل من يقول كلاما لا يعجبنا عدوا مفترضا، ويصبح تعاملنا معه ومع ما يقول يدور في هذا الفلك.
وبعد هؤلاء تأتي ثالثة الأثافي التي يوضع عليها قدر «الشك» وهم مفتشو النوايا والباحثون بين أسطر ما قيل عما لم يقل.
ثم بعد كل هؤلاء يأتي الرقباء بكافة أشكالهم وأنواعهم والذين وصل بهم الحال أنهم قد لا يرون في الكلام شيئا غير مقبول، لكنهم يرفضونه لأن الأثافي الثلاث السابق ذكرها قد يفسرونها بطريقة مسيئة، حتى وإن لم يكن الكاتب يعنيها أو يشير إليها من قريب أو بعيد.
ثم إنه يفترض على الكاتب أن يسكت عما لا يسكت عنه حتى لا يستغله «الأشرار» في الإساءة. وأن يحسب حساب المتربصين والمتربصات، وكأنهم ينتظرون مبررا للإساءة ولو سكت الكاتب عن النقد لكانوا ملائكة لا ينطقون إلا تسبيحا.
وعلى أي حال..
أتمنى أن يتغير العالم إلى الحد الذي يجعلني لا أجد ما أكتب عنه في قادم الأيام سوى عن الحب والورد والزنابق، وأن تكون مشاكل فريق الاتفاق هي أسوأ مخاوفي، ويبدو أني سأفعل ذلك فعلا، فأنا أحب الكتابة، ولكني أحب نفسي أكثر، ولا زالت لدي أحلامي الخاصة بالثراء الفاحش، وليست لدي أي رغبة من أي نوع في أن «أضرس بأنياب وأوطأ بمنسم».
agrni@
والمشكلة ليست في الكلام فقط، لأن «إمروايا باسلة»، وباسلة هنا تعني كثيرة ولا علاقة لها بالبسالة التي تعني الشجاعة والإقدام، ولكنها من «بسل» أي زاد وكثر حتى قلت الرغبة فيه.
لكن المشكلة في من يتلقى هذا الكلام ويسمعه، فسوء نية المتحدث أو الكاتب هو أوضح «الإعدادات الافتراضية» لدى المستمع أو القارئ.
يندر أن تجد أحدا يستنتج بنفسه، الغالب أن يوضع المتحدث أو الكاتب في إطار قبل الاستماع أو القراءة، ومن ثم يبدأ في البحث عن أدلة في الكلام على صحة هذا الافتراض وإن لم يجد أدلة ظاهرة افترض أدلة مخفية وأول الكلمات لتناسب وتلائم تصوراته السابقة، والتي لم يصل إليها بنفسه في الغالب ولكنه سلم عقله لمن يضع له افتراضاته ويصنف له الناس والأشياء.
والحقيقة أن هذا من أعجب ما ابتلي به الناس في هذا الزمن، فوسائل المعرفة والاطلاع والبحث أصبحت متاحة وميسورة لكل أحد، لكن النتيجة لم تكن كما يفترض أن تكون مع كثرة وسائل توسيع المدارك، الحاصل أن تسليم الناس عقولهم لغيرهم أصبح أكثر شيوعا من عصر ما قبل تعدد وسائل المعرفة.
ثم إن أضفنا إلى هذه الجائحة جائحة أخرى وهي «الحساسية المفرطة» من الكلام الذي لا يروق لنا، واعتبار كل من يقول كلاما لا يعجبنا عدوا مفترضا، ويصبح تعاملنا معه ومع ما يقول يدور في هذا الفلك.
وبعد هؤلاء تأتي ثالثة الأثافي التي يوضع عليها قدر «الشك» وهم مفتشو النوايا والباحثون بين أسطر ما قيل عما لم يقل.
ثم بعد كل هؤلاء يأتي الرقباء بكافة أشكالهم وأنواعهم والذين وصل بهم الحال أنهم قد لا يرون في الكلام شيئا غير مقبول، لكنهم يرفضونه لأن الأثافي الثلاث السابق ذكرها قد يفسرونها بطريقة مسيئة، حتى وإن لم يكن الكاتب يعنيها أو يشير إليها من قريب أو بعيد.
ثم إنه يفترض على الكاتب أن يسكت عما لا يسكت عنه حتى لا يستغله «الأشرار» في الإساءة. وأن يحسب حساب المتربصين والمتربصات، وكأنهم ينتظرون مبررا للإساءة ولو سكت الكاتب عن النقد لكانوا ملائكة لا ينطقون إلا تسبيحا.
وعلى أي حال..
أتمنى أن يتغير العالم إلى الحد الذي يجعلني لا أجد ما أكتب عنه في قادم الأيام سوى عن الحب والورد والزنابق، وأن تكون مشاكل فريق الاتفاق هي أسوأ مخاوفي، ويبدو أني سأفعل ذلك فعلا، فأنا أحب الكتابة، ولكني أحب نفسي أكثر، ولا زالت لدي أحلامي الخاصة بالثراء الفاحش، وليست لدي أي رغبة من أي نوع في أن «أضرس بأنياب وأوطأ بمنسم».
agrni@