فهد عبدالله

التنمية والفساد خطوات إلى الأمام.. وأخرى إلى الخلف

الاحد - 16 أغسطس 2020

Sun - 16 Aug 2020

عندما تخطط للتقدم عشر خطوات في شأن ما كنت قد خططت له وأجدت التخطيط والتنفيذ بشكل متقن وفي نهاية المطاف وجدت أنك فعلا تقدمت تلك الخطوات العشر ولكن المحصلة النهائية كانت مثلا خطوة واحدة أو اثنتين إلى الأمام والخطوات الأخرى ذهبت أدراج الرياح إلى الوراء، هذا المثال يتماهى مع ما قد يفعله الفساد الإداري والمالي في أي مؤسسة وشركة أو دولة تريد أن تمضي قدما في تحقيق مؤشرات نموها وازدهارها ونهضتها وارتفاع غلة العائدات في اقتصادها.

وهذه الفكرة أصيلة جدا ليست فقط في هذا الشأن ولكن في جميع الشؤون المختلفة سواء كان ذلك على المستوى الفردي أو الصيغة الجمعية للمؤسسات والمنظمات وهي أن البناء والنمو لا يمكن له أن ينشأ صحيحا معافى دون أن يتعثر مع وجود أساسات تنتشر فيها عوامل النخر والتي يجب إصلاحها عند الابتداء أو على الأقل محاولة كشفها ومراقبتها وتصحيحها بالتوازي أثناء الانشغال في البناء.

حركة الاقتصاد الفعالة وتنامي الاستثمارات والنمو المطرد للنهضة لا يمكن لها أن تكون في صورة تقترب من الحالات المنشودة بوجود تعثرات وآثار الفساد، لذلك كان من ضرورات النجاح أن تضع المؤسسة على رأس الاهتمامات لديها صيانة هذا الجانب وتعزيزه ليس فقط في سن القوانين وإنشائها بل تطبيقها وتحديثها بشكل مستمر ومتابعة تطبيقاتها بشكل دوري، والذي بالتأكيد سيكون بمثابة طوق الأمان والحماية لإنتاجها وأهدافها وعوائدها الربحية، ووجود تلك الأنظمة والقوانين بدون شروط التحديث والمتابعة سيجعلها قابلة للاختراق وهشة في مواجهة نزعات الفساد التي تحدثنا بها القصص المتكررة بأنها لن تنتهي، والتي يمكن فقط التقليل من حدتها ومحاصرتها في أضيق نطاق.

لذلك كان لزاما ومن الأهمية بمكان أن تقوم المؤسسة أو الشركة بتعزيز الأدوار التي تقوم بها الجهات الرقابية سواء كان من داخل المنظومة أو خارجها من أجل أولا حماية استثماراتها من الترنح في الطريق الذي يكون تردديا بين خطوات التقدم والتأخر بوجود الفساد، والأمر الآخر وأد نزعات الفساد في مهدها من خلال قوة النظام والتطبيق والتحديث المستمر لتلك الفجوات التي تكون مرتعا لمحاولات الفساد.

وفي هذا الجانب أحرزت السعودية تقدما بـ7 مراكز عالمية في ترتيب مؤشر مدركات الفساد CPI لعام 2019، والذي يصدر من قبل منظمة الشفافية الدولية، حيث حققت المركز الـ51 عالميا من أصل 180 دولة، وتقدمت في مركزها بين مجموعة دول العشرين الاقتصادية G20 لتحقق المركز الـ10. والمهتم بالشأن الداخلي السعودي يعلم مدى عمق الإرادة السعودية في التصدي لهذا الأمر سواء من خلال الجهات الضبطية والرقابية والتحقيقية والقضائية أو من خلال التشريعات التي صدرت ذات العلاقة مع مكافحة الفساد وعلى رأسها إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد 2004.

لذلك كان اللحاق ومواكبة الإرادة والقرار السعودي فرض عين يقع على عاتق جميع المنشآت التابعة سواء للجهات الحكومية أو القطاع الخاص، ومن غير المقبول التأخر عن اللحاق بهذه الرغبة الجارفة القديمة والمتجددة لدى القرار السعودي في محاربة الفساد والفاسدين.

ماذا لو كان هناك نظام محاسبي على الشركات والمؤسسات يمكن من خلاله التقييم ورصد الدرجات في الجانب الإداري لهذا الجانب على غرار مؤشر مدركات الفساد والذي يرصد مشاكل الفساد والبحث عنها والآليات الإدارية التي تم اتخاذها في محاصرة الفساد، بحيث يمكن الجهات المسؤولة من مراقبة الفساد بشكل منظم ودوري وأعتقد أيضا بأنه سيمكن الشركات أو المؤسسات من معرفة موقعها في هذا الجانب مما يجعلها تباعا تقوم بخطوات تصحيحية مستمرة والذي سيجعل عملية المراقبة والحد من مساحة الفساد ليست مرتهنة فقط على متابعة الجهات المسؤولة وإنما سيعزز دور المسؤولية الذاتية من قبل الشركات والمؤسسات.

@fahdabdullahz