مخاوف الحرب تتصاعد بين مصر وتركيا

خبراء: ليبيا بين مخاطر اندلاع معركة إقليمية والتطلع إلى سلام صعب
خبراء: ليبيا بين مخاطر اندلاع معركة إقليمية والتطلع إلى سلام صعب

الثلاثاء - 11 أغسطس 2020

Tue - 11 Aug 2020

بينما يبدو المجتمع الدولي منهمكا في آثار الانفجار الضخم في مرفأ بيروت واندلاع أزمة سياسية في لبنان، حذر خبراء من تطورات عسكرية محتملة في ليبيا، حيث لا يزال النزاع مستمرا بين الفرقاء الليبيين بدعم من قوى إقليمية ودولية.

وتزايدت مخاطر اندلاع حرب إقليمية في ليبيا مع تلويح مصر بالتدخل حماية لأمنها القومي، مشددة على أن سرت والجفرة بمثابة خط أحمر بالنسبة إليها، في وقت قلبت فيه القوات الموالية لحكومة فائز السراج في طرابلس، المدعومة من تركيا، الطاولة على قوات المشير خليفة حفتر المسيطر على شرق البلاد لتتقدم تدريجيا نحو معقله.

وفجر الوضع مخاوف من مواجهة محتملة بين القوتين العسكريتين مصر وتركيا على الأراضي الليبية.

تراجع تركيا

وقال رئيس المركز العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية في جنيف رياض الصيداوي، إن «إمكانية حرب إقليمية واردة لأن الذهاب إلى المفاوضات سيجعل برلمان طبرق (شرق ليبيا) في موقف الرابح لامتلاكه النسبة الأكبر من منابع النفط الرئيسية الآن».

وتابع الصيداوي «من الناحية العسكرية فإن موقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضعيف لأن جيشه البري بعيد بينما جيش مصر القوي موجود على الحدود الشرقية وله أفضلية الميدان، وقد تتجه المنطقة إلى حرب استنزاف، ولكن تركيا تعلم جيدا بأنها ستكون مكلفة وقد تهدد المستقبل السياسي للرئيس إردوغان».

وأضاف الخبير أن «اندلاع معركة في سرت قد تكون شرسة ومكلفة جدا، وقد تتراجع تركيا عن خوض المعركة ولكن ستكون هناك بلا شك خسارة لمنابع النفط»، وأقر بوجود مخاوف من تحول الأراضي الليبية فعليا إلى موطن صراع دولي من أجل النفوذ والنفط، مما يعزز من

المخاوف المستمرة من انفجار عسكري محتمل في المنطقة.

حرب بالوكالة

ويستبعد مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا رشيد خشانة، اندلاع معركة مباشرة بين قوتين إقليميتين على أرض ثالثة، غير أنه نبه إلى إمكانية اندلاع حرب بالوكالة يقودها الليبيون أنفسهم.

وأوضح خشانة أن «الجانب الأمريكي يضغط على حليفيه الاثنين (التركي والمصري) حتى الآن لتفادي الصدام، لكن هذا التحفظ من الممكن أن يزول في أي لحظة، وقد تدفع روسيا أو تركيا إلى المواجهة من خلال تقديم الدعم عبر المستشارين والخبراء العسكريين من الخلف».

وفي مطلق الأحوال، ألقى النزاع المستمر في ليبيا منذ عام 2011 بظلاله على دول الجوار، وكانت له تداعيات مكلفة أمنيا واقتصاديا، فضلا عن مخاطر تحوله إلى موطن لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في وقت سابق.

تأمين الحدود

ويشير رياض الصيداوي «دفعت تونس والجزائر بتعزيزات عسكرية كبيرة لتأمين الشريط الحدودي الغربي مع ليبيا كما أن دولتي تشاد والنيجر متضررتان أمنيا، وفي الشرق، وضع مصر يبدو أقل ضغطا لأنها تقع في تماس مع مناطق موالية لها في شرق ليبيا ولها نفوذ وسط القبائل في تلك المنطقة».

ويعتقد الصيداوي أن تونس كانت الأكثر تضررا من الناحية الاقتصادية بسبب تعثر التبادل الاقتصادي والتجاري وخاصة في ظل الخطر المستمر من قبل الجماعات المتشددة والمتسللين من التراب الليبي.

ويوضح الخبير «لقد سبق أن تعرضت تونس لأخطر عمليتين إرهابيتين كان مصدرهما ليبيا عبر إمداد السلاح وتدريب المتورطين في الهجمات على أرضها».

تدفق الأسلحة

وقال العميد المتقاعد في الجيش التونسي المختار بن نصر، إن «تدفق الأسلحة والمقاتلين سواء من تركيا أو روسيا على ليبيا يجعل من هذا التهديد أمرا حقيقيا وجديا، ولكن الجيش التونسي يأخذ هذه الأمور أيضا على محمل الجد، لذلك تم تعزيز الترتيبات الأمنية، كما أعلن الجيش حالة الاستنفار على الحدود وعزز من عمليات المراقبة على مدار الساعة».

وأضاف ابن نصر «أعتقد أن الجيش التونسي سيقوم بمهامه بكل حرفية»، لكنه دعا إلى المزيد من الحذر في ظل وجود مناطق صحراوية شاسعة على الحدود مع ليبيا في الجنوب، وعلى حدودها أيضا مع الجزائر والنيجر وتشاد.

ويحذر الخبراء من أن النزاع العسكري في ليبيا قد يكون طويل الأمد في حال اندلع ولن يفضي إلى حلول واضحة وحاسمة لأي من طرفي النزاع، في وقت أثبتت فيه المفاوضات السياسية فشلها في التوصل إلى توافق بين الفرقاء الليبيين بدءا من اتفاق الصخيرات الموقع منذ 2015 وانهيار جهود المبعوث الأممي السابق في ليبيا غسان سلامة.

فقدان الشرعية

وقال رشيد خشانة إن «اتفاق الصخيرات تجاوزه الزمن. لقد تم إعداده من أجل سنتين والآن نحن في طور السنة الخامسة ولم يتم تفعيله، وبالتالي فإن المؤسسات المنبثقة عنه باتت فاقدة للشرعية، لكن ليست هناك هيئات ذات شرعية بديلة حتى الآن».

ويضيف «سيكون من المهم أن تلتقي القوى الدولية والإقليمية المعنية بالنزاع في ليبيا في مؤتمر دولي للاتفاق على صيغة من أجل إدارة المرحلة الانتقالية عبر وضع حكومة تكنوقراط مثلما حصل في تونس تمهيدا لانتخابات والوصول إلى مؤسسات دائمة وتحرير الثروة النفطية في ظل وضع صعب يعيشه الليبيون».

ويرى رياض الصيداوي أنه من المهم، إلى جانب تنظيم مؤتمر دولي، أن تصدر قرارات ملزمة من مجلس الأمن الدولي، ويبرر هذه الخطوة قائلا «الخيارات الدبلوماسية ليست فعالة، فالفرقاء في ليبيا يتحاورون في أكثر من قمة دولية غير أن الوضع على الأرض مخالف تماما. الصراع العسكري مستمر من أجل النفط».