شاهر النهاري

دول الخليج وخطورة المقيمين!

الاثنين - 27 يوليو 2020

Mon - 27 Jul 2020

معضلة الأجانب في الدول الخليجية، ومدى تأثيرها السلبي على النسيج الشعبي ومجريات الحياة الاجتماعية والاقتصادية وشيوع الجريمة والفساد، وتحول أجزاء من تلك البلدان إلى ما يشابه المستعمرات للجاليات بكل عاداتهم وتقاليدهم؛ عناوين تضخم الخطورة وتربك الفكر، وتعظم نظريات التشكيك في قدرة دول الخليج على تسيير تلك الأعداد، والتبشير بأن وجودهم ينذر بقرب زوال الدول الخليجية!

اتهامات سمعناها كثيرا من مثقفين عرب، لا يظهر أن دوافعهم الحرص على دول الخليج، بقدر ما يحملون من الكره والحسد، ولا عجب فدولهم إما محتلة أو تعمها الفوضى والفساد، أو أنها ضعيفة اقتصاديا، أو تحكمها ميليشيات مسلحة تابعة لدول أو جماعات إرهابية!

وردنا عليهم دوما يكون بالعقل، فنحن لا ننكر وجود الأجانب بكثرة في دولنا الخليجية، وآخر الإحصاءات الصادرة عن مراكز أبحاث الخليج والمختبر الإعلامي بالإمارات لسنة 2018 يبين أن نسبة الأجانب المقيمين في السعودية 37.8% من السكان، وفي عُمان 43.9 % وفي البحرين 54.1% والكويت 69.7 % وفي قطر 87.3 % وفي الإمارات 88.5 %.

ولكن، ورغم كل ذلك، دول الخليج تظل بمثابة العقل المتصرف الأقدر بين الدول العربية، فهي التي تُسير أعمالها الحكومية والتجارية والإنشائية والخدمية والتشغيلية بسيطرة تامة على الأمن الداخلي، وحتى لو سلمنا بوجود بعض العرب والأجانب في وظائف شبه حساسة، إلا أن المواطن الخليجي يمتلك القيادة، فهو بعلمه وقدرته الخبير والإداري المتخصص والمدبر والعين الحريصة على إنجاز الأعمال والمشاريع بدقة وإخلاص، ودون إعطاء الفرص لوقوع الخلل من المقيمين (المخلصين هم أيضا) لدول الخليج، التي مكنتهم من العمل الشريف وكسب الرزق، والعودة إلى بلدانهم بذكريات سعيدة وعمر جديد.

ونعم بعض الأجانب في دول الخليج أثرياء، وتعطى لهم الأحقية والصلاحيات للتملك والعمل التجاري المنظم الواضح، ويندر أن يكون عملهم غير قانوني، ولو حصل فالمعالجة الدورية واليومية تحصل من قبل أجهزة الأمن ومختلف إدارات الدول القادرة على ضبط تناغم سمفونيات يتحرك ضمنها جميع المواطنين والمقيمين.

العقول الخليجية مؤهلة للإمساك بالمقود، ونسبة وقوع الأخطاء أقل بكثير منها في أي دولة عربية أخرى أجانبها أقل.

والوعي التام والقدرة لأبناء الخليج يتضحان، ونسبة التعليم تعد الأعلى مقارنة بالدول العربية، والتقنية والمهارة والقدرة ظاهرة، فنرى المشاريع العملاقة يجري تنفيذها وتشغيلها بأفضل وأيسر الطرق والسيطرة، والدولة والنظام والقضاء تحمي حقوق الأجانب، مثلما تحمي حقوق المواطنين، وهذا سر البقاء والإبداع.

من يعمل لا بد أن يخطئ، وهذا ما يفسر وجود بعض الأخطاء التي تكتشف بين حين وآخر وتجري معالجتها واقتلاعها من جذورها، وبعقليات إدارية خليجية تعرف كيف تتعايش مع الإخوة الأجانب، وكيف يمكن ضبط الإيقاع بطرق متطورة تكفل مسار أي رؤية خليجية، وكمالها واستمراريتها، بينما نرى دولا عربية لا يوجد فيها من الأجانب أعداد تُذكر لكنها تعجز عن محاربة الفساد، بل وإن شعوبهم تتمنى أمنا ونظاما وعدالة ورخاء مثلما تنعم بها دول الخليج.

هذا واقع نحياه في خليجنا، ونحن الأقدر على تفهمه والتعامل معه وتطويره.

ومقالي هذا للرد على من يجهل أو يتجاهل الحقائق، ويحاول دس السم في عسل المقيمين بيننا، جاهلا أنهم عاملهم وحرفيهم وعالمهم شركاء لنا في رحلة الإنشاء والإبداع والرخاء والبقاء.

alnahariShaher@