عبدالحليم البراك

منصة من لا منصة له!

الاثنين - 27 يوليو 2020

Mon - 27 Jul 2020

كانت المواهب في أطراف المدن في الماضي تعاني كثيرا، بحجة أن المحاور/الوسط (الرياض وجدة والشرقية) تفوز بكل الفرص، وفيها منصات الفرص، بينما يحتاج المبدع أن يهاجر من مدينته إلى تلك المراكز حتى يدعم موهبته.

وإن كانت هناك مبررات لتكدس الفرص في الوسط، وقلتها في الأطراف بسبب كثرة المواهب وكثرة السكان، وكفاءة الإنفاق عليها في موقع واحد؛ فإن هذه المعادلة الآن تكاد تختفي، فالتكنولوجيا صنعت منصة لمن لا منصة له، وألغت فكرة المحور على مستوى دول العالم، فضلا عن المدن، فلم تعد المواهب تتكدس في هوليود أو نيويورك وشيكاغو أو لندن وباريس، بل صارت تسلل إلى بومباي والقاهرة وسول والرياض.

وإليك القصة كاملة على المستوى الفردي بخصوص المنصات:

- إن كنت تعتقد أنك ممثل جيد ولكن لم تتح لك الفرصة فمواقع التواصل الاجتماعي أتاحت لك منصة أن تخرج إبداعاك للناس فتشتريك أموال الإنتاج، عليك أن تبدع فحسب وعليهم اكتشافك، فالجميع يطل على «يويتوب» و»سناب شات» وتداولات الواتساب بلا حدود، فالأخير يتميز بأنه طبيعي جدا، فما يثير الأفراد يتم تمريره وغير المثير يموت في مهده، عكس الأدوات الأخرى التي قد تخضع للتسويق وقد لا تخضع!

- إن كنت تعتقد أنك رسام موهوب فتويتر خلق بيئة وتجمعا لفناني العالم في مكان واحد، وتحت سقف افتراضي واحد، حتى إذا دخلت عالم الفن في تويتر تكاد تقول: لا يوجد في تويتر إلا الفن، هذا على مستوى الصورة الثابتة والمتحركة أما على مستوى الحي فسناب شات معك لحظة بلحظة بشكل مثير.

- إن كنت تعتقد أنك قارئ مميز ومفكر رائع فمنصات التلخيصات متوفرة وشبكات المراجعة متوفرة أيضا، وسيبقى يوتيوب أسهل حالات التلخيص الشفهية وتويتر أسهل حالات الثريد المتصل.

- إن كنت تعتقد أنك كاتب مميز وصاحب فكر جديد فلم تعد - مثل زمان - تحتاج لدار نشر تعطيها المال لكي تنشر لك، ثم تبيع إنتاجك ولا تأخذ حقوقك، بل كتاب الـ (بي دي إف) أكثر انتشارا وأسهل وصولا، وربما تخرج في المستقبل القريب طريقة لحفظ الحقوق عن طريق البي دي إف، مع العلم أنه نظريا ممكن من خلال رقم سري للملف وتصبح لكل نسخة رقم خاص بها!

أقول: لن يعوقك المكان، فسواء كنت في بريدة أو عرعر أو في نجران أو الخرير وتملك الموهبة فأنت تحتاج للشبكة العنكبوتية وفكرك المتقد!

بقي أن أقول إن المنصة ليست كل شيء، فأنت تحتاج لعلاقات عامة جيدة، وتسويق حتى لو توفرت لك المنصات تلك، كما تحتاج لحكمة اقتناص الفرص، وتحتاج أيضا للإلحاح وحب عملك وموهبتك وتطويرها، والجديد الذي يضمن لك أن يبحث الآخر عنك حتى يجد ما ينقصه، إضافة للتوقيت الجيد، فما يأتي متأخرا لا قيمة له، وما يأتي قبل وقته لا يقدره الناس أحيانا، كما تحتاج لشيء آخر لا تتوقعه وهو الحظ، فكل المواهب لو اجتمعت لا تكفي، أنت تحتاج لحظ عظيم حتى تنجح، فلدى كاتب هذا المقال قناعة أن الحياة عبارة عن حظ عظيم أو تحتاج لدعاء الوالدين!

Halemalbaarrak@