ياسر عمر سندي

حج 2020 غير

الأربعاء - 22 يوليو 2020

Wed - 22 Jul 2020

كثير من الظروف والمناسبات في هذه السنة يكاد يكون مختلفا، وهذا الاختلاف الذي عشناه وتعايشنا معه أحدث لدينا تباينا كبيرا عن ذي قبل، والعالم بأسره من شرقه إلى غربه بكل أديانه وأطيافه وجنسياته شهد ذلك التغير والتبدل، وعاش أياما وشهورا بطرق غير اعتيادية، وليست طبيعية لدى كثيرين، وهي أيضا - أقصد الظروف - توحدت في خصائصها وأهدافها وأغراضها من حيث النواحي التوعوية والتحذيرية والوقائية وكذلك اختلفت وتباينت، من حيث المنظور الثقافي والمادي والمعنوي، فلكل دولة شرعتها ومنهاجها وسياستها لمواجهة كوفيد 19 «كورونا».

والمجتمع الإسلامي بشقيه العربي وغير العربي عاش مناسبتين على غير عادته، المناسبة الأولى هي دخول شهر رمضان المبارك، فصيامه وقدسيته وطقوسه ينتظرها العالم الإسلامي أجمع، ليبدأ في استقباله بأطعمة معينة، ومشروبات مخصصة، ومواقيت مختلفة وبطريقة مزيدة في العبادة، من حيث أداء الصلوات للتراويح والتهجد.

أما المناسبة الثانية فهي استقبال عيد الفطر المبارك، والذي جاء على غير عادته في هذه السنة وهاتان المناسبتان مع وجود وباء «كورونا» استقبلهما العالم الإسلامي بشيء من الفتور، لعدم استمتاع المسلمين بالسلوكيات الروتينية المحببة إليهم، والتي ارتبطت ارتباطا شرطيا بهاتين المناسبتين وهي الاجتماعات العائلية والزيارات وأداء الصلوات التي تم تعليقها بسبب المنع.

أما المناسبة الثالثة لهذه السنة فهي الأهم بطبيعة الحال لجميع المسلمين الذين ينتظرونها بفارغ الصبر من كل عام، وهي الحج الركن الخامس من أركان الإسلام لما له من الأجر الكبير والجزاء الوفير الذي يرجع فيه العبد برحمة الله طاهرا نقيا من الأدران، كيوم ولدته أمه بلا حوب ولا ذنب.

وبعد جائحة كورونا التي غيرت من خارطة التوقعات، ومنها أداء مناسك الحج لهذا العام، بسبب تعليق الرحلات الدولية القادمة إلى المملكة، فالحج يعتبر عبادة جماهيرية تتطلب المكوث والتحرك بنظام الجماعات لساعات وأيام بضوابط وشروط وأحكام وتشريعات، حيث صاحب ذلك أيضا قرارات تحد وتحدد هذه التظاهرة السنوية من خلال معايير صحية وأمنية صدرت بتحديد أعداد الحجيج، وقصرهم على من هم في الداخل فحسب، ويقدرون بعشرة آلاف حاج فقط، على أن تكون نسبة غير السعوديين من داخل المملكة 70% ممن لم يسبق لهم الحج، وبأعمار تتراوح ما بين 20 و50 عاما، ولا يعانون من أمراض مزمنة، وشهادة مخبرية تثبت خلوهم من فيروس كورونا، مع اشتراط التزامهم بمدد الحجر المنزلي قبل وبعد أداء الحج، ونسبة السعوديين 30% فقط، واقتضت المصلحة العامة أيضا أن يقتصر الحج من السعوديين على فئة الممارسين الصحيين، ورجال الأمن المتعافين من فيروس كورونا المستجد، وسيجري اختيارهم من خلال قاعدة بيانات المتعافين من الفيروس، ممن تتوفر فيهم المعايير الصحية وذلك تقديرا لهم ولتضحياتهم ورعايتهم للمجتمع.

وهذه الشعيرة العظيمة قائمة بفضل الله تعالى أولا ثم بالدعم والرعاية من حكومة خادم الحرمين الشريفين لإنفاذ هذا الموسم الكبير بكل ما يحمله من تحديات وصعوبات وإمكانات، وجهود مبذولة على كل الأصعدة، فالوقت الراهن يتطلب الحرص أكثر من السابق من حيث آلية تنظيم الحشود فهذا العدد قد يبدو بسيطا ولكن في ظل جائحة كورونا يتطلب الموقف رفع وتيرة الحذر أضعافا مضاعفة، بسبب التجمعات والتحركات الجماعية والوقوف على صعيد واحد يوم عرفات، فذلك يعد قمة في المخاطرة للجهات المنظمة أمنيا وصحيا وللحجيج أيضا.

وتجب مراعاة ذلك بالتعاون والحرص على تطبيق مبدأ التباعد، والحفاظ على نظافة المكان والأبدان، وكيفية التخلص من الكمامات والمخلفات، والتعقيم المستمر للمخيمات وأماكن قضاء الحاجات، والحرص على تقديم الوجبات بأعلى درجات السلامة والوقاية، وبأساليب تضمن عدم انتقال الفيروس، فالعالم الإسلامي بملايينه يترقب أداء مناسك الحج، ويتوجه بالدعاء إلى عشرة آلاف حاج بأن يسهل المولى حجهم، ويحفظهم من هذا الوباء، ويعيدهم سالمين غانمين بذنب مغفور وحج مبرور، وتجارة لن تبور بإذن الله تعالى، فمناسبة حج هذا العام غير.

@Yos123Omar