شاكر أبوطالب

من يصنع المحتوى ؟!

الاحد - 12 يوليو 2020

Sun - 12 Jul 2020

يتمحور التنافس اليوم حول صناعة المحتوى، سواء المحتوى الخاص بوسائل الإعلام أو المواقع الالكترونية أو المنصات الرقمية أو وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات الهواتف الذكية. وتزداد أهمية صناعة المحتوى في العالم، يوما بعد يوم، نتيجة تعدد الكم وتنوع الخيارات لهذه الوسائل والمنصات والمواقع والتطبيقات، وحاجتها المتصلة إلى تغذية مستمرة بالمحتوى بمختلف أشكاله، لتلبية حاجات الجمهور وإشباع رغباته.

مع ظهور وسائل الإعلام، كان المتحكم الرئيس في صناعة المحتوى هو حارس البوابة أو القائم بالاتصال، والمقصود بهذين المصطلحين هم العاملون في وسائل الإعلام، الذين ينتجون المحتوى الموجه للجمهور، ويحددون الأخبار المهمة والمعلومات ذات الأولوية، وبالتالي دفع الجمهور باتجاه تبني أولويات الوسيلة الإعلامية.

هذه الهيمنة على صناعة المحتوى بدأت في التراجع مع ظهور الانترنت والهواتف الذكية، حيث نجد في المرحلة الأولى أن مالكي المواقع الالكترونية هم من يصنعون المحتوى الخاص بهم، والمنافس لمحتوى وسائل الإعلام، وينشرونه في المواقع لتنطلق عملية تداوله بين مستخدمي الانترنت.

في المرحلة الثانية، بدأ مستخدمو الانترنت بالمشاركة في صناعة المحتوى من خلال تفاعلهم مع المحتوى وإبداء آرائهم حياله، لتصبح اهتماماتهم عاملا مؤثرا ويؤخذ بعين الاعتبار في صناعة المحتوى. وفي المرحلة الثالثة التي نعيش فيها اليوم أصبح بإمكان كل مستخدم للانترنت والهواتف الذكية صناعة المحتوى وليس استهلاكه فحسب.

هذا التطور التاريخي في صناعة المحتوى يشير وبوضوح إلى أهمية صناعة المحتوى اليوم، والتنامي المستمر أيضا في استخدام الانترنت، وتضاعف الوسائل والتطبيقات والمواقع والمنصات.

كل ما سبق يرفع من حجم الطلب على المحتوى، وبالتالي ضرورة الاستثمار في التدريب على صناعة المحتوى، من خلال مرافق تدريبية متخصصة في جميع أشكال المحتوى، سواء بتطوير القائم منها، أو استحداث مرافق تدريبية جديدة، سواء كانت واقعية أو افتراضية.

ويتشكل العمود الفقري لصناعة المحتوى من ثلاث فقرات أساسية: كتابة المحتوى الإبداعي، وتحديد الجمهور المستهدف، واختيار المنصة الأنسب. ويدعم عملية صناعة المحتوى القيام بعدد من الخطوات، أبرزها: البحث والتحليل والتخطيط، وتعيين الأهداف، وابتكار الأفكار وتطويرها، والتسويق والنشر.

فالمحتوى المؤثر اليوم هو المحتوى القصير والكثيف في الوقت نفسه، المعتمد على مزيج بين الكتابة الخبرية والأسلوب القصصي. وكذلك فإن المحتوى البصري يتفوق على المحتوى الكتابي، ابتداء بالفيديو والبث المباشر، وصولا إلى الموشن جرافيك والإنفوجرافيك والصور.

وتزداد أهمية المحتوى إذا اشتمل على أرقام وإحصاءات وبيانات ومعلومات واضحة، إلى جانب تدعيم المحتوى بسرد قصص النجاح، والاقتباسات. وتقاس فاعلية المحتوى بحجم تفاعل الجمهور المستهدف ومدى انتشاره.

وينبغي الانتباه إلى أن صناعة المحتوى ليس المقصود بها إتقان الكتابة فحسب، لأن المحتوى أوسع من كونه نصوصا مقروءة أو مسموعة، ولأن وسائل التواصل الحديثة أفرزت أشكالا جديدة للمحتوى، تتطلب توفر جملة من المهارات والمعارف.

وكذلك يختلف المحتوى باختلاف الوسيلة والجمهور. فمهما بدت صناعة المحتوى عملية ليست صعبة، إلا أنها بالتأكيد صناعة معقدة، وأداة مؤثرة في تشكيل كل ما يحيط بنا في حياتنا اليومية.

shakerabutaleb@