آلاء لبني

هل بقي ضمير حي؟

السبت - 04 يوليو 2020

Sat - 04 Jul 2020

ناشدت الأمم المتحدة أخيرا في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال (12 يونيو) تعزيز الجهود الدولية لحماية الأطفال من آثار كورونا والمخاوف من ازدياد أعداد الأطفال الملتحقين بالعمل لمساعدة عائلاتهم! أما الواقع فمر علقم قبل وبعد كورونا، صورة تزداد قتامة في الدول النامية والفقيرة والدول التي دكت الحروب أراضيها.

وتقدر منظمة اليونسيف أن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاما في العالم يعملون بدوام كامل! ويجري استغلالهم بأجور زهيدة أو بدون أجور مقابل الغذاء أو المأوى، والبعض منهم يعملون أعمالا تفتقر للسلامة أو تعرضهم للتلوث البيئي والسموم كالعمل في المناجم والمعادن! فضلا عن أن عمل الأطفال أحد مسببات العنف والاستغلال والإيذاء.

تكرر مرارا خلال السنوات الفائتة الظهور الإعلامي لحوادث الاغتصاب والاستغلال الجنسي للأطفال وللاجئين، ولو بحثتم وحصرتم الحوادث التي تكشفت للإعلام في المحيط العربي فحسب لوجدتم ما يشيب له الرأس، حوادث انتهت حتى بالنحر! مما ينذر بكوارث اجتماعية أخلاقية، لقد ماتت الإنسانية لدى البعض مما يوجب أن تكون العقوبات مشددة صارمة ويعلم بها القاصي والداني حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر.

من أمن العقوبة أساء ليس الأدب! بل الجرم، ما يجعل المجرم أيا كان نوع إجرامه يتمادى بفعلته؛ أمانه بأن يد العقاب لن تطاله ويتدرج سلوك الإجرام بين استغلال الفرص السانحة والمواقف والسلوك العدواني والتهديد حتى لا ينكشف أمره وربما الاستعطاف!

ماذا عن حادثة الطفل السوري ومغتصبيه؟ انتشر مقطع لطفل بعمر 13 عاما يركض هربا من 3 شبان لبنانيين يتناوبون على اغتصابه ويوثقون جريمتهم بالتصوير.

مرارة الفقر دفعت الطفل السوري بعمر 10 سنوات لسوق العمل ليكسب قوته من عصر الزيتون، مشغلوه الشبان على مدار 3 سنوات قاموا بضربه واغتصابه وتهديده بالقتل لو أفشى سر جرمهم، مات فؤاده ألما كيف يستيقظ الطفل للعمل كل يوم ويتملكه الرعب والخوف، في أي لحظة سيقتات الوحش من جسده. فبدل أن يلعب ويمرح ويتعلم كأقرانه من أطفال العالم والأسر الميسورة، يتحمل مشقة العمل لصعوبة الحياة وفوق ذلك يتحمل التعذيب وتكرار التحرش والاغتصاب!

هل تضجرُ من الذهاب للعمل! هل الخوف من كورونا مسيطر؟ هل تململت من الكمامة؟ هل تخاف أن تفقد عملك بأوضاع كورونا؟ هل تقلق لأي سبب؟ مهما تحلى الإنسان بالإيجابية، فيظل هناك العديد من الأمور التي يكابدها. قال تعالى «لقد خلقنا الإنسان في كبد».

في العمل قد يتسلط مدير سيئ أو لديه مشاكل نفسية أو يتم تجاهلك أو تتعامل مع شخص مزاجي يكدر صفوك أو قد يفتقد المكان للتعاون. أو يخاف البعض من تقييمهم الوظيفي أو الاستغناء عنهم. بالمحصلة يشعر الإنسان بالضغط والتوتر والخوف بانخفاض إنتاجيته وعدم الرغبة بالذهاب للعمل! فكيف بخوف ونفسية الطفل الذي تسلط عليه وحوش كاسرة مصابون بالبيدوفيليا، ماتت إنسانيتهم وجعلوا غرائزهم وشهوتهم تقودهم ونزعوا عقولهم وضمائرهم!

هل سيحتضن الطفل البريء لتخفيف آثار التدمير النفسي وينتشل من الفقر بالمساعدات والاحتواء؟ هل سيعاقَب المجرمون؟ بغض النظر عن العقائد والطوائف والجنسيات واللون وأي نوع من العنصرية، أرجو أن لا يفر الجناة من العدالة وأن يكون القصاص جزاءهم.

الغريب في الموضوع مع انتشار الفيديو ونقلا عما يتداول في الإعلام تم القبض عن واحد فقط!

وما يحزن في وسائل التواصل الاجتماعي تقرأ تعليقات سخيفة تهاجم الأم وتطلب فصلها عن ولدها! مع أنه إلى اليوم لم يتم تناقل أي سوء عن الأم اللبنانية، متى أصبحنا محققين وقضاه جلاديين؟ ماذا لو كانت الأم منكسرة وحنونة ولم تكن تعلم بأي أمر واستطاع العوز الانتصار على حقوق طفلها، لا يعرف مرارة الفقر إلا الفقراء فلا تستطيع الحكم على ملايين من البشر يدفعون بأبنائهم للعمل بأنهم سيئون جميعا، فمنهم من لا حيلة له ومنهم من كان ذا مال وكسر، الفقر والحاجة أمر لا يشعر به إلا من عاشه أو امتلك قلبا رحيما.

أذكر موقفا محزنا في إحدى المرات، أثناء سفري لإحدى الدول ظهرت إحداهن فجأة وأفزعتني، تعلقت بذراعي وشدت حقيبتي، جعلتني أظنها سارقة! مع الأسف لم أدرك الأمر إلا بعد صراخها وأمن الفندق يخرجونها ويقولون إنها طفلة متسولة! استحضار الموقف يجعلني أفكر في مخيمات اللاجئين والفقراء، كم نحن مقصرون، غرقنا بأمور ونسينا آلام غيرنا.

ختاما، نعاني في المجتمع من طغيان الماديات والمظاهر والتطبيق الشكلي، وكل مرب مسؤول لديه مخاوفه وآماله، فلنحتضن أبناءنا لنبعد الوحوش عنهم! ولنوقظ الضمير الحي فيهم، ولنربّ في قلوبهم: اللهم إني أعوذ بك أن أَظلم أو أُظلم، حتى يستوطن حب الحق والعدالة في قلوبهم وكراهية الظلم والعنصرية.

AlaLabani_1@