أنس شفي

توسع خطاب الكراهية

الأربعاء - 01 يوليو 2020

Wed - 01 Jul 2020

لاحظنا أخيرا تصاعد خطاب الكراهية في تويتر بشتى أشكاله، هذا الخطاب الذي يقوم على أساس كره ونبذ الآخرين ومحاولة إيجاد المبررات لنشر الكراهية ضدهم.

وليس ثمة قلق من «تويتر» كمنصة فسياساته واضحة بهذا الشأن، وفي المقابل أيضا يعتبر من أهم المنصات في نشر الوعي ومحاربة التزييف الإعلامي الذي يستهدف وطننا.

لكن من الضروري أن نشير إلى هذه المنصة، حيث يرتكز عليها هذا الخطاب حاليا، وذلك خوفا من تسرّبه من العالم الافتراضي إلى واقع مجتمعنا، فمجتمعنا السعودي به مكونات متعددة كتعدد المذاهب الإسلامية وتنوع القبائل والأعراق، والتواجد الجغرافي المكاني أيضا الذي بطبيعة الحال يلعب دورا أساسيا في تكوين التقاليد واللهجات وبعض العادات المختلفة.

وطبيعة هذا التعدد تخلق مساحات للاختلاف بين هذه المكونات، وعلى الرغم من أن مساحات الاختلاف في مجتمعنا ضيقة نسبيا إلا أن البعض يحاولون اللعب على هذه المساحات الصغيرة، ويسعون إلى تكبيرها، فتجد مثلا من يتهم الآخر بالتآمر والتخابر لمجرد أنه يحمل موروثا ثقافيا أو مذهبيا مختلفا، مع أنه لا يتبنى أي أجندة سياسية معادية أو تخريبية.

وقبل الحديث عن التعايش أو الانسجام بين المكونات المختلفة، علينا إدراك حقيقة أننا نعيش تحت راية وطن واحد وفي ظل أنظمة وقوانين تحفظ لكل الأفراد حقوقهم وكرامتهم، وكوننا نتشارك الحقوق والواجبات والمصير نفسه لا يعني هذا ذوبان معتقدات الإنسان وأفكاره أو إنكار ذاته المختلفة حتى نتمكن من احترام الآخر!

فتقبل الاختلاف في اعتقادي يبدأ بالمعرفة الواسعة والفهم العميق لطبيعة الآخر، يبدأ ذلك من التوقف عن تلقي صور مشوهة عن غيرنا، والتصور النمطي السلبي الذي يحفز دائما سوء الظنون ويحول كعقبة في فهم الآخرين، وبالتالي يؤدي إلى شكل من أشكال الانعزال الاجتماعي.

تكمن خطورة خطاب الكراهية في كونه يحمل فكرا هداما بامتياز، وظيفته الوحيدة تمزيق النسيج الوطني، وهذا يحثنا على الحذر كثيرا قبل البدء في نقد أفكار الآخرين أو موروثهم، حتى لا نتورط في هذا الخطاب البغيض، فمناقشة الأفكار ونقدها أمر مرحب به في سياق الحوار البناء، وبوجود الأدوات المعرفية لذلك النقد ودون شيطنة للآخر.

إضافة إلى ذلك، خطر هذا الخطاب يتسم بأنه متوسع وليس محصورا بين الطوائف الدينية أو المجموعات العرقية، بل يتجاوز ذلك إلى الجنسين وحتى الفئات العمرية المختلفة، وهذا يدل على أن التمييز والكراهية يضران بالمجتمع في جميع مستوياته وشرائحه، ويمكن استخدامهما ضد أي فرد أو مجموعة للإقصاء أو للانتقاص.