عبدالله المزهر

مختصر الأسبوع (12/6/20)

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 11 يونيو 2020

Thu - 11 Jun 2020

في هذا الأسبوع تأكدت لي حقيقة أعرفها وأتجاهلها، وهي أني أخاف كثيرا، وفي هذه الأيام فإن الباب الوحيد الذي يدخل منه الخوف هو باب كورونا، لم أكن أشعر بهذا القدر من الخوف أيام الحظر الكامل، الأرقام هي مصدر الرعب الحقيقي، وأنا أكره الأر قام حتى دون وباء ودون أن ترتبط بالأذى، والخوف هذه الأيام في الغالب هو خوف على الآخرين، على أولئك الذين أحبهم ولم أصنع لهم شيئا مفيدا، سيكون الأمر محبطا ومؤذيا حين يكون المرض هو الشيء الوحيد الذي سأقدمه لهم.

ثم إن هذا ملخص ما كتبته في أسبوع مضى عن العنصرية وكورونا وأشياء أخرى:

• الكل يعلم أن الاحتياطات والتباعد هي السلاح الوحيد المتاح في يد الإنسان حاليا في هذه المعركة غير المتكافئة. لكن مع أن الجميع يعلم إلا أن الإنسان أصبح يتململ من أسلحته أكثر من خوفه من عدوه، وبدا ميالا إلى فكرة التعايش مع كورونا أكثر من فكرة تقبل التعايش مع الاحتياطات والاحترازات وأحاديث المسؤولين عن الوقاية. والعبارات التي يحفظها ويعرفها. التأقلم وصل إلى درجة أن الإنسان الذي كان يرتعب في البداية من أعداد حالات الإصابة أصبح الآن يبدو غير مكترث بأعداد الوفيات.

• مشكلتنا المبالغة والميل إلى التطرف في الرأي، هذه الأيام يعامل منتقد وزارة الصحة وكأنه يشكك في أركان الإسلام. عملها رائع ولكنها ليست معصومة عن الخطأ ولا فوق النقد، لا هي ولا أي وزارة أو جهة خدمية أخرى، ومن حق أي أحد أن يعبر عن رأيه في الخدمات التي تقدم له.

• من المؤكد أن هناك من يلتزم، ويتحمل المسؤولية ويعرف ماذا يجب عليه أن يفعل، لكن في مثل هذه الأزمات فإن وجود من لا يلتزم ولا يفكر بوعي يعني أن الضرر سيطال حتى ذلك الذي يحجر نفسه في منزله، ويعقم نفسه أكثر مما يستحم، ولا أظنكم تنتظرون مني حلولا، فأنتم تعرفون أني لا أجيد هذه الصنعة، وأرجو ألا تعتمدوا على «وعيي» كثيرا.

• العنصري غبي بالضرورة، والغباء آفة أكبر من العنصرية، فالغبي يكون عنصريا ويكون أشياء أخرى لا تقل سوءا. أما العنصري فهو مجرد إنسان غبي لا أكثر. صحيح أن خلقا كثيرا لا يجدون هذا منصفا، ويجدون للعنصرية مبررات ومسكنات ترتاح بها ضمائرهم، لكني أظن أن هذه الفئة ليسوا أكثر من أغبياء متحاذقين.

• البعض عن عمد أو عن جهل أو عن غباء يظن أن معرفة الأنساب والافتخار بأصوله مدخلا يمكن من خلاله احتقار الآخرين لمجرد أنهم لا يشبهونه في هذا الأمر الذي لا ناقة له فيه ولا جمل ولكنه مع ذلك يبدو مؤمنا بنظرية قارون «إنما أوتيته على علم عندي». ولو استمر العنصري في سرد أجداده الأولين دون توقف فسيجد أنه ومن يحتقره سيجتمعون حتما في جد ما، فالبيض والسود والهنود والتتار والأفارقة والعرب والعجم وكل البشر هم أبناء الجد الأول آدم، وهذه معضلة العنصري التي لم يجد لها مخرجا.

التباهي الثقافي هو أحد أنواع التباهي ـ الهياط في لغة أخرى ـ المستجدة، فالجميع يريد أن يبدو مثقفا والجميع يريد أن يبدو قارئا نهما، ولذلك تم تنميط سلوك المثقف بأنه شخص يقرأ كتبا ويشرب قهوة سوداء، وهذا ما سهل على الكثير الظهور بمظهر المثقف دون أن يحفظ معلومة واحدة أو يبدع سطرا واحدا. الأمر لا يتعدى وجود كاميرا جيدة ومقهى وكتاب. ثم ظهر تباه مضاد يعتمد على كراهية القهوة وحب الشاهي.

agrni@