عبدالله المزهر

العنصرية البجحة..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 07 يناير 2019

Mon - 07 Jan 2019

في كل مكان في هذا الكوكب البائس المترهل المبتلى بكافة الشرور والخطايا، توجد عنصرية، توجد فئة ترى أنها أفضل من غيرها، وأنها وحدها من يستحق الحياة وأن غيرها عالة على الحياة، وأن الخلق ما خلق إلا لخدمتهم، لا بد في كل مكان من وجود أناس يعتقدون أن مهمة الآخرين هي أن يكونوا خلفهم في ترتيب الأعراق من باب أنه لا بد من وجود «الثاني» حتى تظهر قيمة الأول.

هذا أمر يحدث وحدث وسيحدث وسيستمر في التكرار حتى ينفخ في الصور إيذانا بنهاية حقبة «أنا خير منه» ودخول مرحلة «وكلكم آتيه يوم القيامة فردا». ولن يقتنع الإنسان بفكرة «التساوي» اقتناعا كاملا قبل تلك اللحظة مهما سطرت العبارات وسنت القوانين. وكل ما تفعله القوانين هو أنها تجعل الإنسان يستحي أو يخجل أو يخاف من إظهار ما يكنه تجاه الآخر الذي يؤمن بأنه «خير منه».

هذه المقدمة الطويلة المملة أريد القول من خلالها إن العنصرية من الأشياء التي اخترعها إبليس وستبقى إلى يوم الدين الذي سيكون آخر يوم له في العمل وانتهاء المهلة التي أعطيت له بانتهاء الحياة الدنيا.

ولذلك فإن العنصرية نفسها من الأشياء التي من المهم التعايش معها، وتقبل وجودها، وهذا ما يبدو أن الإنسان يفعله.

لكن الجديد في الأمر الذي اكتشفته مؤخرا ـ وأنا كثير الاكتشافات هذه الأيام ـ غير فكرتي عن العنصرية، فقد كنت أظن أن العنصرية هي أن أهل مكان ما يعتقدون أن الغرباء عن مكانهم أقل منهم لاختلاف جنسهم أو لونهم أو عرقهم. لكن الجديد والمثير الذي غير قناعاتي هو اكتشافاتي أن العنصرية تسير في الاتجاهين، فقد لمست وشاهدت وعاينت ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ عنصرية مقيتة ضد السعوديين داخل السعودية من قبل بعض غير السعوديين داخل السعودية أيضا، وهي عنصرية قبيحة كأي عنصرية أخرى في أي اتجاه لكنها تزيد على القبح أنها غير منطقية أيضا ولا تخلو من بجاحة واضحة المعالم كاملة الاستفزاز.

وفي رحلة أخي للبحث عن عمل في الفترة الأخيرة كنت شاهدا على أشياء من هذا القبيل، كأن يكون المسؤول عن التوظيف غير سعودي، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم يقال علنا وبطريقة لا تفتقر «لوساعة الوجه» بأن المميزات التي يحصل عليها طالب الوظيفة السعودي أقل من تلك التي يحصل عليها غير السعودي.

مندوب المبيعات ـ على سبيل المثال أيضا ـ يحصل على سيارة إن كان غير سعودي، أما السعودي فيجب أن يستخدم سيارته الخاصة. وبعض الشركات لديها أماكن راقية لإسكان موظفيها غير السعوديين أما السعوديون فإنهم أقل من أن يفعل لهم مثل هذا.

وإذا لم تكن هذه عنصرية فإني أتمنى أن تساعدوني وتخبروني ماذا تعني العنصرية وكيف يمكن تعريفها بوضوح.

وعلى أي حال..

لسنا خيرا من أحد، ولكننا لسنا أقل من أحد أيضا، وكما نكره العنصرية ـ الموجودة ـ التي تسير من الداخل للخارج فإننا نكره تلك القادمة في الاتجاه المعاكس. وفي كل شر!

agrni@