عبدالحليم البراك

العنصرية.. الجمر تحت الرماد

الاثنين - 08 يونيو 2020

Mon - 08 Jun 2020

هذه آثار العنصرية، هذه أحاديث عن العنصرية، هذه هي العنصرية، حديث من القلب برؤية مختلفة عن حدث غير عادي!

- العنصرية عبارة عن حديث خفي، يستغله المرضى تحت الطاولة، لتبقى جمرته لا تنطفئ، هذا ما حدث في أمريكا.

- لم يكن ما حدث بعد مقتل جورج فلويد متناسبا إطلاقا مع ما حدث من فوضى بعده، إلا أن العنصرية تعطي مبررا للمرضى بأفعال مشينة.

- مقاومة أعراض العنصرية حلول مؤقته ولن تجدي نفعا، فالجمر تحت الرماد، يمكن للنار أن تشتعل في أي لحظة، والأولى شيئان اثنان: مقاومة الجمر وإطفاؤه، المبادرة في مقاومته قبل الأوقات الحرجة، لأنه في الأوقات الحرجة لا يمكنك أن تشتت ذهنك بين تهدئة أعراض العنصرية ومعالجتها العاقلة.

- يمكن للعنصرية أن توجد في أي بلد وفي أي حضارة، تأخذ أشكالا متنوعة، قبلية أحيانا ومناطقية أحيانا أخرى، وتأخذ شكلا مدنيا مثل الألوان، أو اقتصادية حيث تأخذ العنصرية من الطبقية شكلا من أشكالها، ولا شيء كالقانون يحمي الناس منها، ويوظفها لصالح القوميات والأوطان!

- العنصرية ليست مرضا فحسب، بل العنصرية سلوك إنساني معقد مشين، ينمو إن لم يقاوم، ولا أحد يعرف عنه شيئا لأن حشائشه لا تحب الضوء، تضحك في وجه الناس في الرخاء وتقلب عليهم طاولة الحياة في الشدة، ولذلك إن عرفنا صفاتها سهلت علينا مقاومتها.

- إن لم يقاوم العقلاء العنصرية وآثارها، أثار الحمقى في طرفي النقيض نار الفتنة، وإن سكت العقلاء عن الحديث عنها بادعاء أن من الحكمة السكوت عنها بلا ردة فعل تذكر، سواء في ساعات الرخاء وانطفائها أو في ساعات الشدة وظهورها، فإن الكلام للعنصريين والمغفلين، وعندما تختلط الأمور يصعب القول من أخطأ ومن أصاب!

- هل يمكن أن تنتقل العنصرية من بلد لأخر؟ أي نار تستعر، لا يمكن التنبؤ بما يحدث، فالرياح توجه اللهب حيث تشاء لا حيث يريد الإطفائيون، لذلك قاوم النار في مهدها قبل أن تشب وتستوي على سوق الفتنة!

- العنصرية شكل من أشكال التعصب الإنساني، بل وأشكال العنف البشري، وهي صورة أخرى من صور عدم عدل الإنسان وتوحشه، وهي نوع من أنواع التناقض في السلوك الشخصي للإنسان، والعاقل من استعد لغد، لا من فاجأه الغد بجنونه!

- إشكالية العنصرية أنه لا أحد يتنبأ فيها، متى وأين وكيف ولماذا.. كل الأسئلة فاشلة عندما يظهر وجهها القبيح، ليبقى الرعب يملأ قلوب العقلاء، بينما الحقد يملأ قلوب العنصريين، ويقف بينهما الناس الذين غالبا ما يدفعون ثمن جنون الحياة!

- الحريق الذي يشتعل في العالم بسبب العنصرية لا يمكن إخماده إلا عندما ينتهي كل وقوده، فتصبح الأرض خرابا بعده!

- أخيرا، إن تفوق أي عنصر (لحظيا) لا يعطيه مشروعية الوقوف - في أفضل الحالات - مكتوف الأيدي، فالأبيض لا يعني أنه منتصر، وأي عنصري آخر لا يعني أنه مفضل، فقد تنقلب عليه الطاولة، ويصبح هو الأدنى، والحقيقة أنه لا أدنى في الإنسان إلا الخطأ الصادر منه، فالإنسانية بطبيعتها هي الأعلى!

Halemalbaarrak@