عيد الفايدي

الأزمة الأمريكية

الاحد - 07 يونيو 2020

Sun - 07 Jun 2020

لم تكن متوقعة داخل أو خارج أمريكا، بل لم يكن هذا العنوان متداولا قبل مقتل «جورج فلويد» الذي كان يردد بصوت مخنوق: لا أستطيع التنفس.. لا أستطيع التنفس.

وكأن ذلك الصوت المتقطع يؤكد ظهور مكان جديد للأزمة في بلاد الحلم الأمريكي وبجوار تمثال الحرية، وليس بعيدا عن مجلس الأمن الدولي الذي كان مشغولا في معالجة كوارث وأزمات بعيدة عنه وفي مناطق الصراعات المشهورة، فهناك الأزمة الكورية وأزمة فيتنام وأزمة ميانمار مرورا بالأزمة الأفغانية والأزمة العراقية، وأزمة فلسطين، إلى غير ذلك من الأزمات التي تنتشر وتتمدد في منتصف خريطة العالم، بين خط عرض السرطان وخط عرض الجدي، وكأن الأزمات محصورة فيها، لكن أن تصل الأزمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويكون هناك عنوان جديد «الأزمة الأمريكية» متصدرا النشرات الإخبارية والتقارير الصحفية، فهذا نادر الحدوث ولم تتوقعه النخب الأمريكية!

وكأن «فلويد» القشة التي قصمت ظهر البعير الأمريكي، الذي أصبح عاجزا ومنهكا، ويواجه صعوبات كبيرة جدا، مما نتج عنه تصريحات مثيرة تزيد من إشعال الأزمة، مثل قوله عن كوفيد-19 إنه «هدية سيئة من الصين».

والأزمة الأمريكية مثلها مثل أي أزمة تحدث في أي مكان لها مؤيد ومعارض داخليا وخارجيا، وكل منهم له أهدافه وتوجهاته، فهناك من يحاول أن يقتنص الفرصة ويحقق أهدافا انتخابية، وهناك من يحاول السيطرة عليها، ومنهم من يحاول سكب الزيت وزيادة النار في كل مكان، والشاهد على ذلك الصور والمقاطع المنتشرة للتقارير الصوتية والمرئية، وكل منهم يفسر حسب رأيه ومصالحه، ففي وقت الأزمات تتقاطع المصالح وتظهر الوجوه الصديقة أو العدوة، ومن متابعة السلوكيات غير النظامية من تحطيم للمستودعات وإحراق للمصالح العامة وتخريب للمنشآت، مما ينعكس سلبا على التعامل التجاري وعلى الحياة الاقتصادية الأمريكية، التي شعرت هي بضيق التنفس الاقتصادي أيضا، وأغلقت فروعها في شوارع نيويورك وكثير من المدن.

و«عدم التنفس» هو العامل المشترك بين صعوبة تنفس جورج، وصعوبة تنفس مريض الكوفيد وصعوبة التنفس الاقتصادي، و«فلويد» ليس الوحيد الذي لم يتمكن من التنفس، بل هناك أكثر من مئة ألف أمريكي لم يتمكنوا من التنفس الطبيعي وفارقوا الحياه بسبب وباء كورونا المتخصص في وقف التنفس الطبيعي.

وهناك أيضا أكثر من أربعة ملايين أمريكي يعانون من الضيق وصعوبة في التنفس الاقتصادي، وشخصيا لا أتمنى ظهور أي أزمة، سواء كانت في أمريكا أو في أي مكان آخر، ولا أتفق مع قول عجوز السياسة الأمريكية «كيسنجر» الذي توقع ظهور أزمة عالمية ثالثة في منطقة الأزمات الشهيرة، حيث قال

«طبول الحرب تقرع بالفعل في الشرق الأوسط والأصم هو من لا يسمعها»، وقوله أيضا «ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تحل أي مشكلة بالعالم، لكن من مصلحتها أن تمسك بخيوط المشكلة، وأن تحرك هذه الخيوط حسب المصلحة».

لكن الصواب هو حل المشكلة في أي مكان وأي وقت، قبل أن تتحول إلى أزمة أو كارثة تقضي على الأخضر واليابس، وكما قال الصحفي الشهير فريدمان: أين نجد قيادة لإنقاذ أمريكا؟!

[email protected]