مانع اليامي

مركز الحوار.. عادوا فعودوا

الجمعة - 05 يونيو 2020

Fri - 05 Jun 2020

عندي أن المفاهيم الخاطئة الرابضة في أذهان البعض وقد استعصت على الزوال تشكل خطورة عالية فور الإفراج عنها، وتحركها في مواقع التواصل الاجتماعي عن قصد أو غير قصد، الشاهد أنه يصاحب خروج هذه المفاهيم المرتبكة وتحريكها في الساحة العامة - والله أعلم بالغايات - مزيد من التفاعل السلبي، وتنشط الخصومة وتتوسع بين المؤيد الذي يتوق لفرصة يعبر فيها عن تعلقه بالمفاهيم الخاطئة ومناصرة رعاتها، والمُنكِر الذي يشعر بالمظلومية ويزعجه فهم الآخر له بطريقة خاطئة، تغذيها القناعات الذاتية البعيدة عن الصواب كما يظهر له، وبينهم في كل الأحوال تنشط حركة السذج المبرقعين أيضا الحاقدين في الخارج.

وللمراقب أن يرصد جنوح البعض لهذا الخط، وتحديدا هذه الأيام التي يفترض فيها تحلي الجميع بروح المسؤولية والمشاركة في تنمية الوطن وحمايته على الأقل عبر تمتين اللحمة الوطنية، وصونها من المؤثرات والملوثات، والحديث هنا يطول والتفاصيل شأنها متروك للمتأمل العاقل الحكيم الذي يقدم المصلحة العامة على غيرها، ويهمه كل حين وتحت أي ظرف استقرار الوطن وأمنه، وتوسع مدى الوئام بين كل مكوناته، ليكتمل جمال منظومة العقد الفريد من أقصى الوطن إلى أقصاه.

ما أود قوله عطفا على الحقيقة الراسخة «لا مكان للتطرف والتشدد» هو أن العودة إلى مربع المذهبية وقد فرح كثير من أبناء وبنات هذا الوطن بانحساره؛ أمر غاية في الغرابة والقلق، على الأقل عند المخلصين للقيادة والوطن، الراغبين صدقا في سيادة التسامح والتعايش وازدهار وطنهم ورفعته، والذي أثبتت الأيام ماضيها وحاضرها أن قيادته أيدها الله بالنصر والتوفيق، بذلت الغالي والنفيس وما زالت في سبيل لمّ شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم، الوطن الذي لا يشبهه غيره في العزة والإنسانية والعدل واللطف.

عموما السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا في وقتنا الحاضر بما فيه من تحديات ينشغل البعض بدفع المذهبية إلى الواجهة؟ هل الوضع مقرون بعلة نفسية؟ لأنه لا يقدم على هذا الأمر سليم عقل أو صحيح نية، أم إن هناك غاية مدفونة طغى ضغطها وحل القيد وانكشف مستور العورات؟

باختصار، يقابل إذكاء روح الفتنة المذهبية أيا كان المصدر حالة حقد وكراهية، وكلتا الحالتين تسير في الاتجاه نفسه لإرباك المجتمع وإشغال الدولة، والحل في تغليظ العقوبات الرادعة. هذا هو الاتجاه الإيجابي المتفق مع ضرورات المرحلة كما يبدو.

ولمركز الحوار الوطني أقول: عادوا فعودوا، والله المستعان.

أنتهي هنا، وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]