فهد عبدالله

الطريق الفردي والدلالة الإرشادية

الجمعة - 05 يونيو 2020

Fri - 05 Jun 2020

ما رأيك في هاتين العبارتين المتعلقتين بالنجاح والفاعلية، وأيهما ذات بعد حقيقي لا يتعارض من سنن الحياة والكون:

العبارة الأولى: استلهم طريق نجاحك من خلال محاكاة طرق نجاحات الآخرين.

العبارة الثانية: شق طريقك بنفسك لا تنتظر دلالة إرشادية من الآخرين.

تصادفنا كثير من الأسئلة التي تضعك أمام خيارين، ويتحتم عليك من طريقة تركيب السؤال الإقرار بأحدهما، طبعا مثل هذا السؤال والتركيبة المتكررة فيه التي نراها بشكل دوري غير صحيحة لثلاثة أمور كما أعتقد، أولا: أنه لا يستقيم الفكر والمعنى بوضع خيارين في سؤال، والإجابة قد تحتوي على عشرات الخيارات، والأمر الثاني لماذا فكرة الخيار الأوحد التي يجب أن أنتمي لها مع أن في الحياة متسعا لأن أكون مع هذه الخيارين وغيرها من الخيارات، والأمر الثالث ذائقة الوعي والنضج تحتم على الإنسان أن لا يتقبل مثل هذه الحدية في الأسئلة لكون التراكم المعرفي والعلمي أثبت أنه حتى تلك الخيارات المشؤومة أو التي يغلب عليها الخطأ لا يعني أبدا أنها لا تحتوي على بعض من الصحة أو الفائدة.

نرجع لموضوع شق الطريق الفردي والدلالة الإرشادية، الإنسان بكينونته المعقدة والصعبة التركيب والاختلافات الجمة التي بين بني البشر والخيارات اللانهائية التي أوجدها الخالق في الكون تدحض بطريقة سريعة سؤال مسار الخيارين، فلا يمكن أن يكون هناك جواب نصي محدد بأيقونة خاصة في حالة عبر الإنسان من خلالها تكون بمثابة ضمانة نهائية للمخرجات الناجحة الثابتة، وبالقدر نفسه من الكمية.

كثير من الأحاديث التي يمكن أن يتحدثها الإنسان مع الآخرين أو مع النفس بأنه يرجو أن يكون مثل ذلك الإنسان الناجح في طريقة التفكير والعمل والإنتاج...إلخ، وهذا أمر جميل في مجمله (الدلالة الإرشادية) وقد يحتاج إلى شيء من التعديل من خلال (شق الطريق الفردي)، الرموز والقدوات على مدار التاريخ هم رموز إلهام تضع قوالب وأنماطا لتشكلات الإنسان الناجحة، وقد تضفي أطيافا مشاعرية داخل النفس لمحاولة التشبه بهم، ووضع مواضع القدم في تلك المواضع نفسها التي مشوا عليها، وهنا قد يكون التعديل مهما بأن الكينونة المعقدة التي تحتويك ليست بالضرورة أن تتشابه في تفاصيلها مع الآخر، فالطريقة أو الكيفية التي مشى فيها الآخر ونجح فيها ليس بالضرورة أن توصلك للنتائج التي وصل إليها، تعرف على تجاربهم وأفكارهم وكيف عملوا وتجاوزوا التحديات، وأضف عقولا إلى عقلك بالتزامن مع شق طريقة حياتك ونجاحك بنفسك.

هذه الحالة التفاعلية في جوهرها تصف كيف للإنسان أن يتفرد، وهي ما أودعها الخالق في الإنسان كطبيعة خلقة فريدة لكل إنسان، وكذلك تصف الحالة الاجتماعية للإنسان في التفاعل مع الآخرين، والتي هي أيضا تجتمع مع خصائص التفرد للإنسان في ميله للتقارب والتآلف والتفاعل مع الإنسان الآخر، بمجرد معرفة محددات وظواهر وكوامن هاتين الخصلتين اللتين تحتويان جميع البشر سيكون الإنسان قادرا على الإجابة عن السؤال الكبير: كيف أستلهم من نجاحات الآخرين؟ وكيف أتفرد؟

الحياة والخيارات اللانهائية التي فيها، وطريقة التفاعل معها، تقود تصور الإنسان إلى مدى الرحابة والمساحات الفسيحة التي يمكن للإنسان أن يمشي أو يركض فيها مع الآخرين دون التقيد الممجوج في تتبع حركات وسكنات الآخرين كما هي، وكذلك إتاحة المسحة الفردية الخاصة بأن تظهر.

مزيد من الانهماك في تجارب ذات نفس تتبعي تقليدي للآخرين، وكذلك فردي يعبر عن الذات، قد تجعل من الفرد قادرا على لملمة البعثرة التي قد تحصل في هذا الجانب، الأهم أن تكون العين فاحصة، والعقل وتقليب الفكر حاضرين، والمضي قدما في تتبع سؤال: كيف أستلهم من الآخرين تجاربهم وأفكارهم؟ وكيف أتفرد بتجاربي ونجاحاتي الخاصة؟

fahdabdullahz@