عبدالله العولقي

حول الولايات المتحدة والصين

الأربعاء - 03 يونيو 2020

Wed - 03 Jun 2020

بنظرة سريعة إلى أهم الأحداث التي سيطرت على الإعلام العالمي خلال شهر مايو، نجدها تكاد تنحصر تقريبا حول موضوعين رئيسين هما: جائحة كورونا والعلاقة الأمريكية الصينية، هذه العلاقة التي شرعت بالتصدع في الآونة الأخيرة بين قوة واشنطن المتسيدة للمشهد العالمي منذ انتصارها التاريخي على المعسكر السوفيتي الشرقي عام 1989، وقوة بكين الصاعدة بطريقتها الإعجازية عبر صناعاتها المحلية التي تستهلكها أغلب شعوب العالم، ومن خلال تقنية الاتصالات التي استطاعت أن تتعملق شركتها (هواوي) بين كبرى الشركات الدولية، إضافة إلى منهجيتها الجيوسياسية المتكاملة التي عرفت إعلاميا بطريق الحرير.

الحديث الآن عن حرب باردة شرعت طبولها تدق إعلاميا بين واشنطن وبكين، ولكن الحقيقة أن الحرب الباردة بينهما قائمة منذ فترة ليست بالقريبة، ولكنها وصلت إلى ذروتها مع الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب، والذي لا يزال ينعت جائحة كورونا بالفيروس الصيني كجزء من حملته الإعلامية ضد بكين، ولهذا نجده مصرا في إدارته الخارجية على كبح جماح المارد الصيني، وعرقلة نموه المتصاعد عبر سلسلة من الإجراءات الجادة، والتي استهلها بزيادة القيمة الجمركية على الواردات الصينية وانتهت بإعلان البيت الأبيض عن نيته قطع العلاقات تماما مع الصين ما لم تلتزم بتعليمات واشنطن!

خلال أزمة كورونا الحالية، اتجهت أنظار العالم إلى أمريكا وليس إلى الصين لإيجاد لقاح للفيروس الجائح، كون الأولى لا تزال تمتلك أهم المعامل الطبية، ولديها أشهر مراكز الأبحاث العلمية، ولهذا يؤكد بعض المحللين أن البون لا يزال شاسعا في هذا المجال بين القوتين المتنافستين.

وذات الأمر يقال عسكريا، فالقوة الأمريكية لا تزال تتصدر المشهد الدولي لدرجة أن الأسطول البحري الأمريكي لا يزال يتنمر على الصين في بحرها الجنوبي، وهو الجغرافيا الذي تعتبره الصين سر قوتها الفعلية كونه يحتوي على ثروات النفط والمعادن والغاز الطبيعي، وتنتشر على مياهه نصف سفن صيد الأسماك في العالم، كما تمر عبره أيضا ثلث الشحنات البحرية الدولية، إضافة إلى وجود أهم الموانئ العملاقة والشركات الكبرى على ضفافه، ويعد بحر الصين الجنوبي أكبر مسطح مائي في العالم بعد المحيطات الخمسة، كما يضم أرخبيلا واسعا من مئات الجزر البيئية الخلابة، إضافة إلى الجزر الصناعية الضخمة التي أنشأتها الصين ضمن برنامجها الاقتصادي.

أخيرا، السياسيون والكتاب الأمريكيون يتهمون بكين دائما بفتح ملفات حقوق الإنسان الصيني، كون جمهورية الصين الشعبية تنبثق في كينونتها من نمطية الحكم الشمولي، ولكن المأساة العنصرية التي حدثت مؤخرا تجاه المواطن الأمريكي من أصل أفريقي (جورج فلويد)، وما تبعها من تبعات ومظاهرات واحتجاجات، تنذر بمأساة جديدة في ملف حقوق الإنسان الأمريكي، وربما تكون مادة خصبة للإعلام الصيني في مواجهته الباردة مع واشنطن.

@albakry1814