عبدالله العولقي

مجلس حكماء للفيس بوك!

الأربعاء - 20 مايو 2020

Wed - 20 May 2020

في عام 2004، انطلق موقع فيس بوك على يد مجموعة صغيرة من طلاب جامعة هارفارد العريقة، يتقدمهم الشاب العبقري مارك زوكربيرغ، واليوم يعد هذا الموقع التفاعلي أكبر منصة للتواصل الاجتماعي في العالم، ولأنه موقع مجاني فمجمل إيراداته الريعية تستند على فكرة الإعلانات التجارية.

خلال الأعوام السابقة، استولت فيس بوك على منصتين مهمتين للتواصل الاجتماعي، هما انستقرام وواتس اب، وقد أعلنت شبكة فيس بوك سابقا عن ارتفاع عدد مستخدميها إلى 2.5 مليار مستخدم، بينما تؤكد بعض الإحصاءات أن العدد الآن قد بلغ ذروته بسبب ظروف جائحة كورونا، والتي أجبرت المجتمعات البشرية على نمطية التباعد الاجتماعي، واستعمال منصات السوشال ميديا كبديل قسري للعلاقات الاجتماعية.

قبل أيام نشرت شركة فيس بوك بيانا رسميا يقتضي تأسيس مجلس حكماء لمنصتها فيس بوك، يتكون من 20 شخصية عالمية، ومن بين هؤلاء المتشددة توكل كرمان، وقد أثار اختيارها شجبا واستنكارا كبيرين في وسائل الإعلام العربية والإسلامية كونها شخصية متطرفة، وذات قيم مؤدلجة فكريا، وتنتمي إلى تنظيم حركي محظور دوليا (الإخوان المسلمون).

الحقيقة أن هناك تساؤلا يثار بين الفينة والأخرى حول العلاقة المريبة والمتطورة بين شركات التقنية وخبايا السياسة الدولية، ولا يخفى على القارئ الكريم علاقة التيارات المتطرفة في البلدان العربية والإسلامية كالإخوان المسلمين بالحزب الديمقراطي الأمريكي مثلا، والتي وصلت ذروتها إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما، ودعمه لثورات وفوضى ما يسمى بالربيع العربي!

يقول الكاتب بول ستار في مقال نشرته مجلة فورن أفيرز الأمريكية أن شركات التقنية قد انتقلت من مرحلة استخراج البيانات ووضع التنبؤات إلى مرحلة التدخل في العالم الواقعي، ولهذا تتعرض شبكة الفيس بوك لضغوط قوية من جانب الحكومة الأمريكية منذ قضيتها الشهيرة في استخدام بيانات المستخدمين الأمريكيين لصالح الحملات الانتخابية، ولهذا نجد أصواتا كثيرة في الغرب تنادي بتقييد صلاحيات شركات التقنية، ولهذا نادت الكاتبة شوشانا زوبوف في كتابها (عصر رأسمالية المراقبة) بضرورة إدراك وفهم التغييرات التي تفرضها التقنية على الحياة السياسية في العالم.

وأخيرا، هناك تجربة تقنية رائدة في الصين تقتضي تدشين مواقع صينية محلية تحاكي نظيراتها العالمية في مخرجاتها الاجتماعية، ولأن البلدان العربية تعج بخبراء تقنيين وعلى مستوى عال من الاحتراف والإبداع، لماذا لا نستنسخ التجربة الصينية برؤية عربية وطنية، ففيها فرصة لترويج إعلانات الشركات الوطنية بدلا من الشركات الأجنبية، والأهم من ذلك إيجاد بيئة تقنية آمنة نستطيع من خلالها تأمين عقول الشباب والأطفال من أفكار التطرف، ولا سيما أن قيادات متطرفة قد تمكنت من الوصول إلى مجلس حكماء الفيس بوك!

@albakry1814