عبدالله قاسم العنزي

سلطة القاضي على الشرط الجزائي في عقود المقاولات

الاحد - 17 مايو 2020

Sun - 17 May 2020

إن قطاع المقاولات من القطاعات الحيوية التي تساهم في تنشيط حركة الاقتصاد المحلي، وبسبب الظروف الراهنة والإجراءات الاحترازية والوقائية التي فرضتها وزارة الصحة وبعض الجهات المعنية أصاب قطاع التشييد والبناء ما أصابه من عقبات عدة وأزمات في التنفيذ في مختلف المشروعات المتعاقد عليها حاليا لعدة أسباب، منها: حدوث نقص في العمالة وإغلاق بعض المواقع الإنشائية لظهور حالات إصابة بفيروس كورونا، وإغلاق بعض المتاجر التي تورد بعض مواد الخام.

كل هذه الأسباب انعكست على المشروعات بالتعثر والتأخير بالتسليم في وقتها المحدد بالعقد، وعلى ذلك سيكون الشرط الجزائي محل نزاع بين أطراف العقد في مثل هذه الظروف، خاصة بين الأفراد - أي المواطنين - والمقاولين. والشرط الجزائي كما يعبر عنه الفقه بأنه اتفاق مسبق على تحديد التعويض الذي يستحقه الدائن عند عدم تنفيذ المدين التزامه أو عند التأخير فيه، وهو شرط يؤسس على إرادة الطرفين ويعتبر جزءا أصليا من بنود العقد كالتزام تابع للالتزام الأصلي.

ولكن بما أن الظروف الراهنة التي طرأت على عقود المقاولات بمختلف صورها وأشكالها - ومنها عقود البناء والتشييد - تجعل تنفيذ هذه العقود مرهقا للمدين، فإنه في مثل هذه الظروف لقاضي الموضوع سلطة عدم إعمال الشرط الجزائي على المقاول، لاعتبار أن الشرط الجزائي مصيره متعلق بالشرط الأصلي وهو التنفيذ، وحالة تأخر تنفيذ المشروع بسبب الظروف غير المتوقعة التي طرأت على الالتزام فإنه لا يعمل بالشرط الجزائي فقها وقضاء في هذا الموضع، وهذا معمول به لدينا في المحاكم التجارية والمحاكم العامة.

لأن الشرط الجزائي في عقود المقاولات الغرض منه ضمان تنفيذ الالتزام الذي بين المتعاقدين مخافة نكوص أحدهم عما عقد عليه أو التزم به في العقد، ولا يحق لصاحب العمل الاختيار بين الشرط الجزائي أو التنفيذ لأنه ليس له المطالبة إلا بتنفيذ العمل في الوقت المحدد، وحالة تأخر تسليم المشروع أو العمل بسبب خطأ المقاول أو إهماله فإن له الشرط الجزائي كما اتفق عليه كمسؤولية تقصيرية وليست مسؤولية عقدية. وإن تعطل التنفيذ كالتزام أصلي بسبب الظروف الطارئة فإن الشرط الجزائي لا يعمل به في تطبيقات هذه الوقائع، لأن هذه ظروف استثنائية عامة وليست خاصة بالعمل، ولم يكن في الوسع توقعها أثناء إبرام العقد.

وفي ظل الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة جائحة كورونا للمحكمة تقدير تمديد مواعيد تسليم المشروعات أو العمل كبناء البيوت للمواطنين ونحوه، لأن الالتزام بتسليم العمل في الوقت المحدد يعد مرهقا للمقاول في ظل هذه الظروف.

وبمناسبة حديثنا عن هذا القطاع فإن هيئة المقاولين السعوديين تفاوضت مع الجهات الحكومية لتفهم وضع قطاع المقاولات، ورفعت عددا من التوصيات للجهات الحكومية، كما أن رفع الحظر الكلي في مدينة الرياض وغيرها من المناطق ساهم في تنشيط حركة عمل البناء، خاصة للمواطنين الذين تعطلت أعمال البناء في منازلهم التي تحت الإنشاء. وإلى أن ألقاكم في حديث قانوني جديد.

expert_55@