عبدالله المزهر

مشاعر مؤلمة..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 17 مايو 2020

Sun - 17 May 2020

تحدثت - أنار الله بصيرتي - الأسبوع المنصرم عن الإجراءات المؤلمة التي نبهنا إلى قدومها وزير المالية بشكل صريح ومؤلم هو الآخر.

ولا أظنكم تنتظرون مني تحليلا اقتصاديا ولا مرئيات عن الأزمة ولا كيفية الخروج منها ولا كيف دخلنا إليها، وقد أخبرتكم غير مرة في هذه الزاوية المباركة عن جهلي المطبق في أمور الاقتصاد والمال، وليس امتناعي عن الحديث في هذا الشأن إلا لأني - في بعض الأحيان - لا أريد أن أكون كالتي «أزرت في بيتها وراحت تنظف بيت الحكومة».

وقد رأيت بأم عيني وسمعت بأم أذني محللين وخبراء في الاقتصاد «يهبدون» في هذا الشأن هبدا مبرحا، ويحدثون الناس عن توقعاتهم التي لا تختلف كثيرا عن توقعاتي عن الوضع السياسي والاقتصادي في جمهورية «ساو تومي وبرينسيب». وبما أن الأمر كذلك مع أولئك الذي أفنوا سني أعمارهم يقرؤون الأرقام ويحللون ويتوقعون، فكيف سيكون الحال إن أنا قررت أن أتشارك معكم خبراتي الاقتصادية وتحليلاتي المالية المبنية على فشل ذريع مريع في هذا الشأن؟

الذي أستطيع قوله لكم إني تألمت - كما توقع الوزير - حين رأيت الضريبة ترتفع وحزنت - كما توقعت أنا - حين رأيت بعض البدلات تغادر راتبي، حتى وإن كان فراقا على أمل اللقاء. ثم إني حين رأيت الحزن يخامر عقلي ووجداني خفت أن يكون في تلك المشاعر جرح لوطنيتي وخدش في حبي لوطني العظيم. فطفقت بعد ذلك أستغفر وأستكثر من عمل الخيرات لعلي أكفر عن ذنبي المفترض.

وبينا أنا في حال من التعاسة بسبب ما اقترفت مشاعري التي لا أسيطر عليها، هتف في خلدي هاتف لا أظنه إنسيا، وقال لي: يا هذا، إن حبك لوطنك لا ينافيه ولا يعارضه أن تألم لنقص في راتبك أو زيادة في الضريبة أو في كلا الأمرين معا إن اجتمعا، وكل بني البشر تعتريهم تلك المشاعر، حتى إن الحكومة نفسها وعلى لسان وزيها قالت إن الإجراءات ستكون «مؤلمة».

فهدأت نفسي وارتاح بالي حين تأكدت أني بشر طبيعي يفرح مما يفرح له الناس ويتألم مما يتألمون منه. وأن هذه المشاعر لا تجعل مني خائنا عديم الوفاء والمروءة.

وعلى أي حال..

فإن تفهمك كمواطن للإجراءات التي تلجأ إليها الدولة لمعالجة أزمة، أو حل مشكلة، وإيمانك وثقتك بمن يتولى الأمر، وعدم لجوئك لمقارنات مع دول عدد مواطنيها لا يتجاوز عدد سكان الحي الذي تسكنه، لا يعني أن تنظر إلى أرقام المعيشة المرتفعة والضرائب كعاشق يشاهد اسم حبيبته يظهر فجأة في هاتفه بعد طول فراق.

تفهم واقتنع بأنها إجراءات مرّة وصحيحة ولا بد منها، وأن الكارهين لهذا الوطن سيشتمونه ويتحدثون عن أحواله بسوء، سواء كانوا في رخاء أم في شدة، اقتنع بكل هذا وتفاءل بقادم الأيام وتألم واحزن لحاضرها كما لمح لذلك الوزير، لا ضير في الجمع بين الأمرين (القناعة والألم)، من المهم أن تعرف الحكومة مشاعرك الحقيقية، فهذا لا يضرك ولا يضرها. وإن كنت مكتفيا فاحمد الله ولا تستفز من لا يكاد يكفيه راتبه بمشاعر قد لا تكون حقيقية بما يكفي للإفصاح عنها.. والسلام.

agrni@