شاكر أبوطالب

كورونا.. سارق الحياة!

الأحد - 17 مايو 2020

Sun - 17 May 2020

منذ فرض منع التجول قبل سبعة أسابيع تقريبا، تواصلت مع كثير من الأشخاص وتحدثت معهم، ولاحظت أن معظمهم زاد توتره، وتكررت نوبات غضبه، وربما تراجعت صحته العقلية، بسبب الخوف من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ونتيجة عدم الخروج من المنزل امتثالا لمنع التجول الجزئي أو الكلي.

والحقيقة أن هناك صدمة اجتماعية تعرض لها العالم فعليا بصورة غير مسبوقة، فحتى الذين كانوا مصدرا للبهجة والطاقة الإيجابية، ذوت أرواحهم، وبهتت بهجتهم، وانطفأت أفكارهم خلال التعايش مع هذه المرحلة الصعبة، وأظن أن هناك آثارا وتبعات نفسية ستظهر خلال الفترة الحالية أو حتى بعد اختفاء الوباء تماما، خاصة الأطفال والمراهقين، الذين لن تزول مخاوفهم حتى بمرور الزمن.

معظم الناس يعيشون دائرة مغلقة من الحيرة والتيه، وبعضهم فقدوا طاقة الصبر لديهم، ففي الوقت الذي يرغبون فيه باستعادة كامل تفاصيل حياتهم قبل انتشار الفيروس، إلا أنهم لن يسامحوا أنفسهم إذا تسببوا في وفاة أحد أحبابهم نتيجة نقل العدوى بسبب الخروج من المنزل ومخالطة المصابين الآخرين.

وحتى اللحظة لا يزال (كوفيد-19) ينتقل بين الأشخاص وينتشر في المجتمعات، ولم يثبت إلى الآن اكتشاف لقاح أو علاج للقضاء على هذا اللص الذي سرق حياتنا، نمر بأوقات عصيبة إلى مستقبل مجهول بسبب العزلة المنزلية والتباعد الاجتماعي، وارتفعت معدلات التضخم المعيشي نتيجة تراجع الطلب والشراء، وتعثر المشاريع وتراجع إيرادات الشركات، وتعطل بعض القطاعات والصناعات ما أدى إلى الاستغناء عن وظائف وتسريح موظفين، والمحصلة النهائية هي زيادة قيمة الفاتورة الاقتصادية على الدول والحكومات.

ولكن بالوعي الفردي والتعاون الاجتماعي، والالتزام التام بتعليمات وزارة الصحة والجهات الأمنية، نستطيع مغادرة منازلنا والتواصل مع بعضنا واسترجاع يومياتنا التي افتقدناها دون الإخلال بالأمن الصحي أو التخلي عن أساليب الوقاية، وسنعود لممارسة الرياضة في مراكز اللياقة والمشي في الميادين العامة، وسيتراجع اهتمامنا بالأخبار الكورونية، وسنطرد الطاقة السلبية التي اغتالت لحظاتنا. ربما استطاع (كوفيد-19) سرقة أهم الأشياء التي نملكها وتملكنا، ولكن هذا الفيروس لا يمكنه سرقة آمالنا وأحلامنا وأفراحنا وحبنا وسعادتنا.

وأعتقد أن لقاح فيروس كورونا موجود ومجرب وفعال، ولكننا لسنا في حالة وعي واحدة، هذا اللقاح يتلخص في أن يهتم الجميع بمساعدة الآخرين، أن نعيش بوعي ومسؤولية أكثر من أي وقت مضى، أن نتكاتف معا من أجل إقامة حياتنا، ونتآزر لتعاهد أحلامنا كلما أحاط بنا اليأس، ونحرص على رعاية بعضنا بعضا، حتى تبقى أعمارنا مورقة بالأحباب.

لقد آلمنا أن نعيش رمضان الذي لم يجمعنا، وسيؤلمنا أنه سيأتي العيد والعجز يكبلنا أن نتشارك الفرحة باحتضان أحبابنا، ورغم ذلك الألم المعاش والمنتظر، سنصحو باكرا ونلبس مع أطفالنا ملابس العيد، وسنتصل بأحبابنا بالصورة والصوت، ولن تفلت منا أية ابتسامة، سنوثق كل تلك البهجة وسنؤثث بها زوايا بيوتنا وأرواحنا التي نال منها الفيروس، السارق الذي سنلقي القبض عليه في القريب العاجل، لتعود الحياة بكل مباهج العيد وألوان الفرح وهدايا الربيع، وستتدلى أرواحنا وتثمر محبة، وسنتذكر هذه الأيام بمسحة حزن لا تذكر، وبكثير من الضحك الذي لا يتوقف، لأنه اتضح لاحقا بأن فيروس كورونا كان أكبر «مقلب» أكله العالم!

shakerabutaleb@