عبدالله المزهر

مختصر التدليس في تأبين الشياطين لإبليس..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 13 مايو 2020

Wed - 13 May 2020

لو افترضنا أن عينيك وقعتا مصادفة على هذه العبارات التي صيغت على لسان شخصية فارقت الحياة «أنا الجندي المجاهد في سبيل الله، الاسم الذي يهابه الشيطان، والعدو الصهيوني، ويخشاه عملاء مشروع الاستكبار في منطقتنا، أيا كان منصبي لست أكثر من جندي من جنود الإسلام، جندي أحمد الله أنه طهر قلبي من حب الدنيا، ورزقني أسمى مناي، وهي الشهادة في سبيله».

أظنك ستخمن أنها على لسان عمر بن الخطاب أو علي بن أبي طالب أو أي صحابي مات شهيدا، وربما تقول إنها لبعض الأبطال من الذين أتوا في عصور متأخرة، قد يذهب بك خيالك إلى أنها قيلت على لسان عمر المختار أو شخصية أخرى من تلك التي تليق بها هذه الكلمات المعبرة.

وأظنك حين تعلم أن المعني بها هو المجرم القاتل قاسم سليماني فقد تقول مستسخفا استغرابي بأن هذا أمر طبيعي، فالإيرانيون ينظرون إليه بهذه الطريقة وقد يكتبون عنه كلاما مشابها، من باب أنه جنديهم الوفي وأداتهم الأوفى في تنفيذ ما يريدون، وأنه تتقبل هذه العبارات من باب صورة القرد في عين أمه، فالنازيون كانوا يقولون عن هتلر كلاما أكثر عاطفة وقوة من هذا.

لكني لا أعلم كيف يمكن أن تنظر إلى الأمر حين تعرف أن هذا ما قالته قناة الجزيرة القطرية عن قاسم سليماني تطوعا منها، وإيمانا برسالة سليماني الخالدة في نظر معديها ومقدميها والقائمين عليها والجالسين فوقها.

والعبارات لم تقل في سياق خبر أو تقرير، حتى يمكن تأويل الأمر على أنه مجرد نقل لما يقوله الإيرانيون عن سليماني، وليس تصريحا صحفيا له حتى نقول إنها تنقل الكلام كما يقال من باب المهنية، هذا هو رأي القناة وكلامها هي، ونظرتها له التي أظن أن سليماني نفسه ربما يصدمه هذا التأبين، ولو صرح لهم من الآخرة مرة أخرى كما فعل في هذه المرة فربما يقول للقناة: لعلكم بالغتم قليلا، فهذا نفاق أكثر مما كنت أتوقعه منكم.

ودعونا نفترض - جدلا - أن قناة الجزيرة فعلا قناة محايدة، ونمارس بعض البلاهة في تجاهل ما نعرفه يقينا بأنها قناة الرأي والرأي الذي يعزز الرأي الأول بطريقة ملتوية، فإنه حتى مع هذا القدر من «الاستبلاه» أتفهم أن تكون في الجانب القطري في الأزمة الخليجية، هي قناتهم ومهما ادعت الحيادية فإن المنطقي أن تكون في الجانب الذي يريده من أنشأها. هذا أمر متفهم في هذه الأزمة وفي كل وقت. لكن الارتماء بهذا الشكل الإباحي المقزز في الحضن الإيراني لا علاقة له بالحياد ولا بالأزمة الخليجية ولا حتى بالرجولة والمروءة.

ولا أتوقع أن الإيرانيين هم من أشار أو نصح القناة بمثل هذا التقرير الحصري من الدار الآخرة، هو فيما يبدو اجتهاد شخصي من القناة أشبه باجتهاد فتاة مغتصَبة في أن تقترح على مغتصبها طرقا أفضل لممارسة جريمته في حقها.

وعلى أي حال..

شمس دماء الضحايا التي تلطخت بهم أيدي معشوق الجزيرة لا يحجبها تقرير ولا يغطيها غربال برنامج، لكن بعض الخلق يستمتعون بالخزي في الدنيا وهم يتحدثون عن المجرمين الذين سبقوهم إلى الآخرة. وعند الله تجتمع الخصوم.

agrni@