شاكر أبوطالب

خليك بالبيت لمشاهدة التفاهة!

الاحد - 10 مايو 2020

Sun - 10 May 2020

رغم الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وتنوع خياراتها، إلا أنه يمكن الحد من التعرض للمحتوى التافه الذي تفيض به معظم حسابات ما يطلق عليهم (مشاهير السوشال ميديا)، من خلال وضع قيود على متابعة البذاءة والتفاهة، وحظر الحسابات التي تغتصب براءة الأطفال وتشوه ذائقتهم وتؤثر سلبا على تكوينهم العقلي والنفسي!

وقبل الخوض في موضوع المقالة، ينبغي التذكير بأنه في كل مرة يجري فيها نقد المحتوى السيئ الذي يقدمه بعض من يسمون أنفسهم «مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي»، والتعليق على بعض سلوكياتهم المخالفة لكل ما هو فطري وأخلاقي، تتردد إجابات وردود معلبة، أشهرها «وحده الشجر المثمر يرمى بالحجر»، وبأن هذا النقد من قبيل الحسد والغيرة من المكتسبات التي يحصلون عليها، مثل الكسب المادي غير القانوني والشهرة المصنوعة بالصدفة!

في السنوات الأخيرة، فرضت علينا قنوات (إم بي سي) و(روتانا خليجية) و(SBC) مشاهدة عدد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال استضافتهم في عدد من البرامج اليومية، وتقديمهم وإبرازهم في الأوقات ذات المشاهدة الكثيفة، بغض النظر عن طبيعة وجودة المحتوى الذي يقدمونه في الشبكات الاجتماعية.

ثم تطور الأمر إلى توظيف بعض هؤلاء المشاهير في العمل التلفزيوني، سواء في تقديم البرامج الحوارية والاستقصائية، التي تتطلب خبرة وممارسة صحفية إلى جانب مخزون معرفي وتفكير نقدي ومهارات خطابة، وأبرز مثال على هذا ملاك الحسيني التي أفردت لها (إم بي سي) برنامجا خاصا يحمل اسمها (حراك مع ملاك)، وهي تفتقر إلى أبجديات العمل في الإعلام، فضلا عن التقديم التلفزيوني!

وفي جانب التمثيل، يظهر أحد المشاهير صغار السن (سعد عبدالعزيز) في مسلسله (أوريم)، الذي يعترف لإحدى الصحف السعودية بأنه لا يعتبر نفسه ممثلا! ويفتقر لأبجديات التمثيل والأداء المسرحي، ورغم ذلك تسند إليه القناة دور البطولة!

في رمضان الحالي، وهو الموسم السنوي للإنتاج التلفزيوني، يكاد لا يخلو برنامج أو مسلسل في القنوات السابقة من أحد مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، بل تجدهم مغروسين أمامك في الشاشة خلال ذروة المشاهدة، وبمحتوى تافه لا قيمة له، وخلال الأوقات الذهبية التي يتسابق عليها المعلنون.

والحقيقة أن هذه القنوات لم تترك صغيرا أو كبيرا من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي إلا استضافته أو حاولت ذلك، فإن كان عدد متابعيه بالملايين تم استقطابه لدخول العمل الإعلامي، وكل ذلك من أجل جمع أكبر قدر ممكن من الأموال والإيرادات الإعلانية، ضاربة بأخلاقيات العمل والمعايير المهنية جبهة المشاهد، الذي يجب أن يدرك جيدا أنه هو المنتج النهائي الذي تبيعه هذه القنوات التلفزيونية للمعلن.

هناك خط إنتاج تلفزيوني واضح لصناعة محتوى هابط وإبراز المشاهير الفارغين من كل قيمة أو إضافة! وعرض ذلك في قناة مفتوحة موجهة للعائلة وفي وقت ذروة المشاهدة. وهنا المسؤولية تقع على عاتق وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي، لوضع حد لهذه الفوضى في المحتوى الدرامي والبرامجي، وإعادة ضبط سياسات الإنتاج في المجموعات الإعلامية السعودية، وتعزيز أخلاقيات العمل والمعايير المهنية والمسؤولية المجتمعية قدر الإمكان، وحماية صناعة الإعلام من طفيليات (السوشال ميديا).

shakerabutaleb@