الدورات في زمن كورونا.. المحتوى والاحتواء!
الأحد - 10 مايو 2020
Sun - 10 May 2020
من أكثر المشاهد الثقافية ونحن نلزم بيوتنا هذه الأيام سمعا وطاعة، انتشار الدورات التدريبية عن بعد بشقيها المجاني والمدفوع.
كثير من الجهات الحكومية والخاصة بادرت مشكورة بأداء دورها نحو المجتمع من خلال الإعلان عن دورات في مواضيع مختلفة تلامس طبيعة المرحلة بتداخلاتها المتعددة.
ولأن المبادرات المجتمعية أيا كانت طبيعتها هي في المحصلة شكل من أشكال تقدير المنظمات للناس، فإن النظر إلى طبيعة هذه الدورات محتوى وأداء أمر غاية في الأهمية، وليكن حديثي هنا من وجهة نظر مستفيد إن أردنا أو تغذية راجعة من محلل أو مشاهدات لناقد يروم التطوير والتحسين والارتقاء بالعمل المجتمعي!
فمن جملة ما لفت انتباهي أن هنالك تكرارا لافتا لعناوين بعض الدورات من جهات متعددة، وعلى رأسها دورات إدارة الأزمات والمخاطر، والتي تقدم لعامة الناس الذين ليست لهم أي علاقة باستراتيجيات التعاطي مع الأزمات والتخطيط المنظم لها أيا كانت طبيعتها، سواء كانت أوبئة عابرة أو جوائح عامة أو كوارث طبيعية. عناوين أخرى مثل القيادة الالكترونية والتعليم عن بعد والتسويق الالكتروني، والتي تقدم بشكل مفتوح للجميع لم تكن بتقديري اختيارا مناسبا لدورات (عامة) تقدم دونما ضابط علمي يحدد الفئة المستهدفة لهذا الـ (webinar) (المتخصص).
عناوين الدورات لم تكن في حد ذاتها مشكلة بعض الدورات، بل إن محتوى بعضها كان جامدا ومتكلفا ويقدم بلغة أكاديمية صرفة، يخيل إليك في لحظة ما أنك في قاعة محاضرة نظرية في جامعة ما أو مركز أبحاث هنا أو هناك، وأنك على موعد للجلوس لاختبار في نهاية المدة ليستقصي فيها المدرب مدى فهمك لبعض المعلومات المتقدمة التي تناولها بالشرح والتنظير!
إشكالية ثالثة في بعض الدورات تمثلت في سوء اختيار وقت الدورة، أو في طول مدتها أو رداءة التطبيقات المستخدمة لتقديمها أو حتى سوء إدارتها من قبل القائمين عليها. لذلك فإن الأذن (من خلال السماعة) والعين (من خلال الشات الكتابي) لم تخطئ تذمر عدد من الحاضرين في بعض الدورات حول جودة الصوت، أو عدم إقفال المايك من الحضور، وربما كانت المحاضرة حبا من طرف واحد، بحيث لا يمكن للحضور المداخلة أو السؤال، لينتهي الحال بمعلومات شبه معلبة أحادية النمط، لا حول للحضور فيها ولا قوة، سوى الاستماع بصرف النظر عن الاستمتاع!
ولأن المبادرات العلمية تحديدا جديرة بالاحتفاء والمراجعة والاهتمام المضاعف، فإنني أؤكد أن ثمة أمورا لا غنى عنها في هذا النوع من العطاء المجتمعي، لكي تكون المحصلة هدية يفخر بها مهديها ويفاخر بها من أهديت إليه.
فمنها أن يحسن المبادرون التعرف على الفئة المستهدفة، فتصمم الدورات الالكترونية والمحتوى التدريبي وفقا لاحتياجاتهم، هم مطالبون أيضا بتقسيم دوراتهم وتصنيفها إلى عامة/ خاصة، نسائية/ رجالية وهكذا، كذلك فإن انتقاء المتحدثين هو لب الدورات، ولا أقل من اختيار المدربين البارعين في المهارات الناعمة، المتمكنين علميا، والمنعشين إلقاء وحماسا، والمتقبلين لتباين العقول واختلاف وجهات النظر وتعدد طرق الوصول للنتائج. وما أجمل أن تكون التطبيقات الالكترونية المقترحة للدورات من تلك المتاحة لجل المستفيدين، الموثوقة من حيث الأمان الالكتروني والبسيطة من حيث التعامل والإدارة. لن أنسى أيضا أن أحث المبادرين على انتقاء المواضيع الهامة، مدهونة بالمتعة لتكون وجبة شهية للمتلقي في عزلته المنزلية، وملاذا افتراضيا يأنس به!
أختم بالتأكيد على حقيقة ثابتة، هي أن إرادة الفائدة لا تغني أبدا عن حسن إدارتها، وأن نتذكر جيدا تلك المقولة الجميلة للشاعر الأمريكي هنري لونق فيلو حينما قال «قد تستغرق وقتا طويلا لتؤدي الأعمال بشكل جيد، ولكنك حتما ستقضي أضعاف ذلك الوقت لتبرر الأداء السيئ»!
dralaaraj@
كثير من الجهات الحكومية والخاصة بادرت مشكورة بأداء دورها نحو المجتمع من خلال الإعلان عن دورات في مواضيع مختلفة تلامس طبيعة المرحلة بتداخلاتها المتعددة.
ولأن المبادرات المجتمعية أيا كانت طبيعتها هي في المحصلة شكل من أشكال تقدير المنظمات للناس، فإن النظر إلى طبيعة هذه الدورات محتوى وأداء أمر غاية في الأهمية، وليكن حديثي هنا من وجهة نظر مستفيد إن أردنا أو تغذية راجعة من محلل أو مشاهدات لناقد يروم التطوير والتحسين والارتقاء بالعمل المجتمعي!
فمن جملة ما لفت انتباهي أن هنالك تكرارا لافتا لعناوين بعض الدورات من جهات متعددة، وعلى رأسها دورات إدارة الأزمات والمخاطر، والتي تقدم لعامة الناس الذين ليست لهم أي علاقة باستراتيجيات التعاطي مع الأزمات والتخطيط المنظم لها أيا كانت طبيعتها، سواء كانت أوبئة عابرة أو جوائح عامة أو كوارث طبيعية. عناوين أخرى مثل القيادة الالكترونية والتعليم عن بعد والتسويق الالكتروني، والتي تقدم بشكل مفتوح للجميع لم تكن بتقديري اختيارا مناسبا لدورات (عامة) تقدم دونما ضابط علمي يحدد الفئة المستهدفة لهذا الـ (webinar) (المتخصص).
عناوين الدورات لم تكن في حد ذاتها مشكلة بعض الدورات، بل إن محتوى بعضها كان جامدا ومتكلفا ويقدم بلغة أكاديمية صرفة، يخيل إليك في لحظة ما أنك في قاعة محاضرة نظرية في جامعة ما أو مركز أبحاث هنا أو هناك، وأنك على موعد للجلوس لاختبار في نهاية المدة ليستقصي فيها المدرب مدى فهمك لبعض المعلومات المتقدمة التي تناولها بالشرح والتنظير!
إشكالية ثالثة في بعض الدورات تمثلت في سوء اختيار وقت الدورة، أو في طول مدتها أو رداءة التطبيقات المستخدمة لتقديمها أو حتى سوء إدارتها من قبل القائمين عليها. لذلك فإن الأذن (من خلال السماعة) والعين (من خلال الشات الكتابي) لم تخطئ تذمر عدد من الحاضرين في بعض الدورات حول جودة الصوت، أو عدم إقفال المايك من الحضور، وربما كانت المحاضرة حبا من طرف واحد، بحيث لا يمكن للحضور المداخلة أو السؤال، لينتهي الحال بمعلومات شبه معلبة أحادية النمط، لا حول للحضور فيها ولا قوة، سوى الاستماع بصرف النظر عن الاستمتاع!
ولأن المبادرات العلمية تحديدا جديرة بالاحتفاء والمراجعة والاهتمام المضاعف، فإنني أؤكد أن ثمة أمورا لا غنى عنها في هذا النوع من العطاء المجتمعي، لكي تكون المحصلة هدية يفخر بها مهديها ويفاخر بها من أهديت إليه.
فمنها أن يحسن المبادرون التعرف على الفئة المستهدفة، فتصمم الدورات الالكترونية والمحتوى التدريبي وفقا لاحتياجاتهم، هم مطالبون أيضا بتقسيم دوراتهم وتصنيفها إلى عامة/ خاصة، نسائية/ رجالية وهكذا، كذلك فإن انتقاء المتحدثين هو لب الدورات، ولا أقل من اختيار المدربين البارعين في المهارات الناعمة، المتمكنين علميا، والمنعشين إلقاء وحماسا، والمتقبلين لتباين العقول واختلاف وجهات النظر وتعدد طرق الوصول للنتائج. وما أجمل أن تكون التطبيقات الالكترونية المقترحة للدورات من تلك المتاحة لجل المستفيدين، الموثوقة من حيث الأمان الالكتروني والبسيطة من حيث التعامل والإدارة. لن أنسى أيضا أن أحث المبادرين على انتقاء المواضيع الهامة، مدهونة بالمتعة لتكون وجبة شهية للمتلقي في عزلته المنزلية، وملاذا افتراضيا يأنس به!
أختم بالتأكيد على حقيقة ثابتة، هي أن إرادة الفائدة لا تغني أبدا عن حسن إدارتها، وأن نتذكر جيدا تلك المقولة الجميلة للشاعر الأمريكي هنري لونق فيلو حينما قال «قد تستغرق وقتا طويلا لتؤدي الأعمال بشكل جيد، ولكنك حتما ستقضي أضعاف ذلك الوقت لتبرر الأداء السيئ»!
dralaaraj@