دلال العريفي

100 طريقة لاتخاذ القرار الشجاع

الاحد - 10 مايو 2020

Sun - 10 May 2020

ليس عيبا أن نعدد مئة طريقة للوصول إلى شيء في العالم، وليس خطأ أن نحدد ألف وسيلة للحصول على أمر في الدنيا. لكنني هنا - عزيزي القارئ - وبالحديث عن القرارات، لن أسرد طرق صناعتها ولا سبل اتخاذها. فالأمر المهم هنا أن نثق تماما ونقتنع أن هناك لحظة ما في حياة كل فرد، ومنعطفا في طريقه، يجد نفسه مضطرا لاتخاذ قرار معين. فكل ما يحتاجه الإنسان الطبيعي في هذه الحياة أن يدرك أنه المسؤول الأول عن اتخاذ قراراته، وإلا سيجد نفسه شيئا مذكورا ضمن قرارات الآخرين. وقد نتفق جميعا أن هذا الإدراك القوي، والإحساس العميق بضرورة اتخاذ القرار وإعلانه كافية جدا عن ألف طريقة وطريقة قد نتعلمها لاحقا.

لا زلت أذكر سؤالا وجه لي في إحدى المقابلات المهنية عن أهم قرار اتخذته، ولم أكن أعلم عن أي القرارات أتحدث، فليس هناك شخص طبيعي لم يجد نفسه مضطرا لاتخاذ قرارات كثيرة في منعطفات حياته.

وأذكر أني حدثتهم عن أحد قراراتي الأخيرة وقتها، وحين رأيت صمت وتعجب اللجنة، أخبرتهم وبكل صراحة أني وإلى الآن لا أعلم هل كان ذلك القرار نابعا من شجاعة، أم صادرا من خوف من عدم اتخاذه، لكن الأكيد أني اتخذته حين كان علي أن أتخذه. ولا أظن أن هناك أسوأ من عدم اتخاذ قرار في وقته، فلا الأيام تتنظر، ولا الزمان يعذر.

قد تكون بعض قراراتنا خاطئة، لكن الخطيئة الكبرى أن نكون عاجزين عن إصدار قرار، أو النطق به وجلا أو ترددا، وليس هناك مجال للوقوف على ناصية قرار للاقتتال من أجل صناعته واتخاذه، بل إلى رأي سديد، وإيمان قوي! مع اقتناعنا أن عدم اتخاذ القرار يعد قرارا أيضا وليس ضعفا دائما، فقد يكون هناك توازنات تفرض نفسها في مواقف معينة، ولا بد أن نعي جيدا آثار اتخاذه أو تركه.

والحديث عن القرارات هنا يتضمن كل أنواعها الشخصية والاجتماعية والمهنية. ولعل الظروف الحالية تعطينا تصورا جليا، وصورا واضحة لكيفية اتخاذ القرارات خلال أزمة (كوفيد-19). ولكم - أيها الأصدقاء - أن تتأملوا القرارات الشجاعة لهذا الوطن الأعز، وقرارات مؤسساته وأفراده، والفترة التي استغرقتها صناعتها، ثم الأهم من ذلك تحويلها من قرارات إلى أمور يلمسها المواطن ويراها واقعا أينما ولى وجهه. ولعلنا نتفق هنا أن قرارات كل مؤسسة وجودتها كانت متناسبة تماما مع سمعتها ومتوافقة مع أدائها، وكذلك الأفراد.

نفخر جميعا بكل القرارات القوية التي صُنعت واتُّخذت من قادة ومسؤولي هذا الوطن الكريم خلال هذه الأزمة. ومع إدراكنا أن صناعة القرار فن لا يغني عن قوة اتخاذه، فإننا نزداد ثقة على ثقة بوجود تلك القوة داعمة لذلك الفن لدينا.

وفي ميادين الإدارة، يتحمل القائد مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، ولا أظن القيادة ولا الإدارة في أبسط معانيها مناسبة لمن لا يستطيع أن يعلن قرارا حتى حين يجد نفسه مضطرا لاتخاذه! فإذا كان القائد مترددا أو متخوفا من الآخرين، مترقبا لرضاهم «فعاجز الرأي مضياع لفرصته/ حتى إذا فات أمر عاتب القدرا»، وليس من الحكمة أن تبقى مؤسسته متأخرة عن ساعة قرار، ولا فاقدة لقيادة مسؤولة.

ولا يمكن للشخص أن يكون قائدا دون أن يدرك المعنى الحقيقي للقرار الشجاع، وسط كل التحديات حوله، والمخاوف لديه. هل تعرفون ما القرار الشجاع؟ هو ذاك الذي نختاره حتى وإن كان مخيفا، أو مربكا، فقط لأننا ندرك أنه القرار الصائب.

darifi_@