أحمد الهلالي

حكاية المئة ريال القاتلة!

الثلاثاء - 05 مايو 2020

Tue - 05 May 2020

يحكى أن رجلا تبرع بمبلغ مئة ريال إلى مؤسسة خيرية، لكنه قرر أن يربط الورقة النقدية بجهاز تتبع مجهري زرعه فيها، وبقي يتتبع سيرها، فظلت ساكنة لا تتحرك، حتى ظن أن جهاز التتبع معطل، وبعد خمسة أيام تحركت خارجة من الأراضي السعودية إلى مصر، ثم تحركت بعد يومين من مصر إلى تركيا، وبعد أسبوع تحركت من تركيا إلى العراق، وبعد يومين انطلقت من لبنان إلى تركيا ثم عادت إلى العراق وبعد ثلاثة أيام استقرت عشرة أيام في إيران ليفاجأ بظهورها في صعدة شهرا كاملا، عادت بعدها إلى إيران ولم يرها بعد ذلك.

وضع الخريطة الورقية أمامه، ثم رسم عليها طريق المئة وهو يفكر في رابط هذه الحركة المريبة لها، وحين تعمق في التفكير لم يصل إلى شيء، فحكى القصة لأصدقائه، قالوا: هذا أمر مريب، لكننا لا نصدق أن جهاز التتبع يمكن زرعه في العملة النقدية إلا من جهات استخبارية كبرى، بالمختصر يا شيخ طير، هذي نتائج مسلسلات نتفلكس في الحظر!

بهت الرجل وعاد إلى منزله حزينا أسفا، فكانت المفاجأة حين دخل تويتر، فوجد تغريدة عن لقاء الدكتور عبداللطيف آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية وحديثه عن اثنتين وعشرين جمعية خيرية وهمية، وحين سمع كلامه عن تنظيم الإخوان المسلمين ارتسم في ذهنه خط سير العملة النقدية وعلاقة التنظيم الإخواني الوطيدة بإيران وتركيا.

تبين له الآن أنه ارتكب خطأ عظيما حين تبرع دون تثبت، وعلم أن تلك العملة التي كسبها بقطرات عرقه، وتبرع بها في سبيل الله، بدلا من تحولها إلى غذاء أو كساء أو دواء لروح إنسانية، عادت رصاصات تزهق أرواحا في وطنه والأوطان الأخرى، وتهرق دماء بريئة، وبدلا من تحولها إلى طاقة إيجابية منتجة تحولت إلى طاقة سلبية متلفة، فوضع يديه على رأسه من هول الفاجعة، وذهب إلى أصدقائه في الاستراحة وقبل أن يصلهم أمسكت به دورية الأمن وغرمته 10 آلاف ريال لاختراقه قرار منع التجول، فعاد إلى المنزل خائبا مكسورا.

أخذ يفكر، اثنتان وعشرون جمعية وهمية، لماذا؟ ومن المسؤول؟ نحن في حرب مع الإرهاب، وفي مواجهة محتدة مع قوميتين تكنان عداء عميقا للعرب، أنترك أمثال هذه الجمعيات الوهمية تعبث في صدقاتنا وأموالنا الخيرية، فكتب رسالة الكترونية إلى وزارة الشؤون الإسلامية، قائلا:

«نشكر حملتكم التدقيقية على الجمعيات الخيرية، وكشفكم لهذه المخططات البغيضة، ونأمل منكم أن تزيدوا التدقيق، وأن تستمروا في توعية الناس إلى أن يحصروا تبرعاتهم في الجمعيات والمراكز الموثوقة التي تعلنونها على موقع الوزارة، وأن تشهروا بكل جمعية أو مؤسسة خيرية تشتبهون في أمرها، فبين ظهرانينا فقراء من المواطنين والمقيمين، ومن كانوا في الخارج فمركز الملك سلمان الإنساني يقوم بالواجب وزيادة، والسلام».