عبدالله قاسم العنزي

حماية المستهلك من جريمة الاحتكار

الاحد - 03 مايو 2020

Sun - 03 May 2020

لا تستغربوا حينما أقول إن المستهلك وصف مشترك نوصف به جميعنا، سواء الأغنياء أو ميسورو الحال أو غيرهم، ولما كان المجتمع برمته هو المستهلك شرعت الدولة بعض الأنظمة لحمايتنا نحن المستهلكين.

لقد صرحت وزارة التجارة قبل أسابيع عن ضبط شاحنة محملة بكميات كبيرة من الطماطم، تم إخفاؤها خارج موقع سوق تبوك للخضار لبيعها بعد رفع سعرها! لا تتعجب عزيزي القارئ! فالجشع سلوك سيئ ومنقوص وله آثار مدمرة على المجتمع، خاصة إذا كان «الجشع» يمارس جريمة الاحتكار في الأزمات التي يكون الناس بأشد حاجة إلى أن يتكاتفوا ويتضامنوا مع بعضهم.

إن الاحتكار كما عرفه الفقهاء «حبس مال أو منفعة أو عمل أو طعام، والامتناع عن بيعه وبذله حتى يغلو سعره غلاء فاحشا غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده في مظانه، مع شدة حاجة الناس إليه»، وبما أنه وردت نصوص تدل على تأثيم المحتكر كما في الحديث «لا يحتكر إلا خاطئ» ودلالات النص واضحة على عدم جوازه لأن الخاطئ هو المذنب العاصي، إذن مناط التجريم في ذلك هو استغلال حاجة الناس إلى السلعة المحتكرة، والإضرار بهم في رفع سعرها بقيمة فاحشة تضر بالمستهلك.

إن احتكار السلع وقت هلع الناس بالوباء وتعطل أعمالهم وضعف مواردهم المالية يعد جريمة يعاقب عليها فاعلها، وفق الأحكام العامة للشريعة، حيث رفع الضرر عن عامة الناس واجب من واجبات الإمام، ولذلك أجمع الفقهاء على أنه لو احتكر تاجر شيئا اضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أجبر على بيعه دفعا للضرر عن الناس، وهذا ما تفعله وزارة التجارة في السلع التي يحبسها التجار المتسترون خلف أسماء سعودية، بضخ هذه السلع إلى السوق لدفع الضرر عن المجتمع، غير إحالة المحتكر إلى الجهات المختصة لإيقاع العقوبة بحقه.

على الرغم من كل النداءات والمطالبة من الجهات المعنية بعدم استغلال التجار لهذه الفترة التي يمر بها العالم، والمجتمع جزء منه، لتحقيق أرباح على حساب المواطن، إلا أننا نجد ارتفاعا في أسعار بعض السلع بخلاف المعتاد عليه، والمواطن - مع الأسف - يساير هؤلاء البائعين والتجار ليوفر احتياجاته، وهذا بالتأكيد يزيد من طمعهم، مع العلم أن الحل هو إبلاغ الجهة المختصة عن استغلالهم لهذه الظروف برفع الأسعار أو احتباس السلع.

إنني أعجز عن شكر وكالة وزارة التجارة لحماية المستهلك فهي الجهة المسؤولة عن تطبيق السياسات والإجراءات والأنظمة المتعلقة بحماية المستهلك، ومن مهامها حماية المجتمع باعتباره هو المستهلك، من الغش والخداع والتقليد والإعلانات المضللة والممارسات غير العادلة، والرقابة على السلع، ولها دور مشاهد وواضحة آثارة على المجتمع.

إن المستهلك يا سادة له حقوق عدة، منها الحق بحمايته من المنتجات التي تشكل ضررا عليه، والحق في تزويده بالمعلومات التي تساعده على الشراء والاستهلاك بطريقة صحيحة، وله الحق في الاختيار بين عديد من البدائل من السلع والخدمات، كما له الحق في الحصول على السلع والخدمات الضرورية كالغذاء والكساء وغيرها من الاحتياجات الأساسية، ولا يجوز حبسها عنه حالة احتاج إليها ولم يجد غيرها، وله الحق بالتعويض عن التضليل أو السلع الرديئة أو الخدمات غير الكافية والمرضية.

لنتفق على أن نعالج هذا السلوك السيئ في المجتمع من خلال الإبلاغ عن المحتكرين.

expert_55@