نكهة رمضان في الطائف تفوح بعبق الماضي

الاحد - 03 مايو 2020

Sun - 03 May 2020

ارتبطت محافظة الطائف قديما مثل غيرها من مدن منطقة مكة المكرمة بعادات وتقاليد خلال رمضان، ووثق المعاصرون من الأهالي في رواياتهم مشاهد الحياة الاجتماعية آنذاك.

وسرد المؤرخ عيسى القصير، 82 عاما، ذكريات تفوح بعبق الماضي لواقع الحياة في المنطقة التاريخية بالطائف «وسط البلد»، وأورد صورا من العادات الاجتماعية والروحانية التي تعم المشهد وكيف تناقلها الأهالي جيلا بعد آخر.

وأوضح أنه مع حلول الشهر الفضيل تطيب النفوس ابتهاجا ببلوغه والتسابق إلى فعل الخيرات، في حين تبرز أهم الملامح الرمضانية على غير العادة في أسواق الطائف القديمة وأهمها وسط السوق «برحة مسجد الهادي» وباب الريع، وسويقة، وسوق الخميس، وحي السليمانية، وباب الحزم، وباب العباس، بدكاكينه العتيقة وأزقته وبرحاته المتعرجة فتعرض فيها صنوف من الطعام والبضائع واللوازم المنزلية.

وبين أن سوق البلد اشتهر بدكاكين بيع السمن والعسل، وأنواع الحبوب والملابس، والخضار والفاكهة واللحوم وتعرف «بالمنشية»، واصفا تلك الفترة بقوله «عاش الناس سنوات عامرة بالحب والعطاء، وعشنا بعدهم على ذكريات تاريخهم وعاداتهم الطيبة».

وعن نمط الحركة في السوق قال القصير «كانت تبدأ يوميا عند السابعة صباحا وتزداد بعد صلاة الظهر إلا أن ما يميز السوق في رمضان كثافة المتسوقين وتنوع المعروض والمهن غير المألوفة عن باقي الأشهر، مثل بائعي السمبوسك والكنافة البلدي، واللقيمات والحلويات الذين يقفون أمام بسطاتهم يعرضون ما لذ وطاب من الأكلات الرمضانية»، مشيرا إلى أن مواقع هذه البسطات يكثر في باب الريع، مرورا بسويقة إلى برحة مسجد الهادي، إلى البئر المالحة.

وتابع سرده عن حال النشاط التجاري في تاريخية الطائف إذ كان ما يعرف بوسط السوق «الهجلة» محطة يرد إليها المتسوقون من أهالي البوادي في الشفا والقيم ووادي محرم وبني مالك وبني سعد والقريع وشقصان وليا، لبيع منتوجاتهم من الفواكه الموسمية في فصل الصيف والسمن والعسل والأجبان والأغنام والبيض والدواجن البلدي.

واستذكر القصير بعض الأهازيج التي ما زال يحفظها فكانت تملأ فضاء المكان يصدح بها الباعة (فطورك يا صائم.. في الجنة جوه يا صائم.. وحد ربك يا صائم.. فطورك يا صائم).

وقال «قبيل صلاة المغرب يستعد الجميع لتناول الإفطار فتتزامن مع رفع الأذان أصوات مدافع الإفطار، وبعد صلاة المغرب اعتاد الغالبية على أخذ قسط من الراحة ومن ثم أداء صلاة العشاء والتراويح في المساجد ومن أشهرها مسجدا العباس والهادي، وقديما كانت تضاء بالفوانيس والأتاريك فتؤدى صلاة التراويح بخمس تسليمات».

وتطرق إلى العادات الاجتماعية في ليالي رمضان فيكثر التواصل والتزاور بين الأهل والأقارب والجيران، كما تستغل فضيلة هذا الشهر الكريم في إصلاح ذات البين بين المتخاصمين، لافتا إلى أن المجتمع الطائفي قديما يخص الأطفال بمساحة من التسلية من خلال تجهيز بعض المواقع بالألعاب وممارسة بعض الأنشطة الرياضية، فيما تتنوع اهتمامات الشباب بين ممارسة الرياضات الجماعية والتزاور على مستوى الأحياء في ذلك الوقت «حي وسط البلد اليمانية ومعشي والعزيزية والشرقية» وسط أهازيج ليلية اعتاد سماعها أهالي وسط البلد.

وأردف «قبيل نهاية رمضان بخمسة أيام تنتشر بسطات الحلوى في وسط السوق المحلي منها والمستورد السوري «الحلقوم» ومتطلبات إفطار العيد، إضافة لاستعدادات فرحة ليلة العيد التي تشع فرحا وسرورا وبهجة تفوح منها رائحة الورد والعود وتزهو الطرقات بالروائح العطرية الجميلة ابتهاجا بالعيد السعيد».