ياسر عمر سندي

العيون الساهرة.. في عيوننا

الأربعاء - 29 أبريل 2020

Wed - 29 Apr 2020

لا تظهر صلابة الرجال إلا من قسوة الأعمال، ولا يعرف قوة الإنجاز إلا من رسم خطى الإعجاز، هكذا هم من سخروا ووهبوا طاقاتهم وجهودهم لغيرهم، فالإيثار الإنساني يتجسد في أجمل معانيه، ويرتسم في أرقى خطوطه الإبداعية، من جميع الألوان والمدارس الفنية، لتظهر هذه اللوحة الوطنية، والتي لا تقدر بأي ثمن من وجهة نظري ونظر كل غيور وفخور برجال أمن هذا البلد المعطاء، الذي تعارف شعبه وقبائله على تبادل الود والتزام الوعد وقوة الصد بين بعضه البعض، ومنه تجاه قيادته، ومنه تجاه من حاول النيل من مقدراته وقيمته.

وفي هذه الجائحة العظيمة وباء كورونا الفتاك، والذي تم تسجيله كأشرس وباء في طبيعة انتشاره وامتداده وتناقله بين البشر - حمانا الله وأبعدنا عن الشر، وفي هذه الفترة ارتأت المملكة من خلال توجيهات قيادتها الحكيمة، والإرشادات الطبية المتتالية، اتخاذ التدابير العاجلة والفاعلة، من أساليب العزل والإخلاء على مستوى المناطق والمحافظات والمدن، ولبعض الأحياء الداخلية من المدن احترازيا، لكيلا تنتقل العدوى عن طريق المخالطة المقصودة وغير المقصودة من البعض، إما جهلا منهم بخطورة هذا الوباء وطريقة انتقاله، أو إصرارا من الآخرين للخروج من المنزل، بحجج واهية وغير مقنعة، بعيدة كل البعد عن الحاجات الإنسانية الماسة، أو المقومات الحياتية الخاصة، أو الأمور التقديرية التي يجري تقييمها عن طريق الجهات الأمنية، والتي صاحبت انتشار نقاط التفتيش الموزعة في كل مكان على مداخل المدن والأحياء لضمان أقصى قدر من تقليل الحركة والتنقل للأفراد والمركبات، إلا من حاملي التصاريح الأمنية للسماح بالخروج وتأدية المهام المحددة ثم العودة إلى المنازل.

كل هذه التطبيقات يتبعها جهد بشري وأمني مضاعف، يستلزم من رجال الأمن أيضا مضاعفة حسهم الأمني والإنساني تجاه وطنهم ومواطنيهم والمقيمين على أراضيهم، وفي ظل هذه الأحداث تنشأ غالبا العلاقة الطردية بين حالات الأزمات والمحن من حيث الانفعالات الذاتية والمتعدية، من معدلات الخوف والحذر التي تزيد معها أيضا معدلات الحرص الأبوي والأخوي لدى رجال الأمن.

ومن سوء الطالع أن تقابل تلك الجهود والمخاوف، بسلوكيات من البعض بعيدة كل البعد عن الإنسانية، وعن التعاملات البشرية، والتي تعد سلوكيات غير واعية وغير جديرة بالمواطنة والوطنية، خاصة من أشخاص تجردوا من قيم الرجولة والدين، وقابلوا رد الجميل بالنكران والخذلان.

وكما سمعنا وقرأنا في الأخبار ومن وسائل التواصل في فترة منع التجول، حادثة الدهس لرجلي الأمن في مدينة الرياض أدت إلى وفاة أحدهما وتعرض الآخر لكسور مضاعفة، وفي مدينة جدة أيضا تكرر هذا المشهد لرجل الأمن في نقطة التفتيش، مما أدى إلى وفاته نتيجة دهسه، رحمهم الله أجمعين، وشفى الله الباقين، لما قاموا به من واجب ديني ووطني، ونحتسبهم شهداء بإذن الله تعالى.

«العيون الساهرة» مصطلح أجده يليق برجال الأمن كل في مجاله وتخصصه وواجبه الذي يقدمه، والذي يقوم به وعاهد الله عليه ومن ثم المليك والوطن، لأنهم على ثغر من ثغور الإسلام. فهم يسهرون على راحة المواطن ولحماية الوطن، رجال الداخل لحفظ الأمن بين المواطنين والمقيمين، ورجال الجيش والدفاع والحرس للذود عن الحدود وحماية الآمنين، وفي أزمة كورونا الحالية تضاعف الجهد على الرجال، فواجهوه بصمود الجبال، ونحن بصوت واحد وعلى لسان واحد على مختلف الأطياف واللهجات والمناطق والجهات، نقول لكم يا رجال الأمن: في بادئ الأمر عذرا منكم إذا لم يستشعر أحد حجم جهودكم وطاقاتكم العظيمة، وشكرا خاصا لكل فرد من رجال الأمن وللضباط والقادة، بحجم ما بذلتموه وما تبذلونه وما ستبذلونه، فعيونكم الساهرة نقدرها، ونضعكم أيضا في عيوننا.

Yos123Omar@