عبدالحليم البراك

بعد أن حضرت التقنية، ماذا لو غابت؟

الاثنين - 27 أبريل 2020

Mon - 27 Apr 2020

بعد أن نجحت المملكة بامتياز في اختبارين، أحدهما العمل عن بُعد، والآخر تفعيل التقنية في إنجاز الأعمال الحكومية الخاصة، دعونا نفكر بالمقلوب، بعد أن تحولنا الكترونيا، وقاب قوسين أو أدنى من أن نقول إن كل أعمالنا صارت الكترونية، ماذا لو جاءنا فيروس الكتروني متطور لا يقل ذكاء وخبثا عن فيروس كورونا الحيوي؟ يعني بعبارة أخرى: ماذا لو ضرب الأجهزة فيروس يتغلغل ولا تتضح أعراضه إلا بعد التغلغل بمدة طويلة؟ وبعد أن يستقر وينتقل من جهاز إلى آخر بكل أمان، ومن نظام إلى نظام بكل سهولة، ومن تطبيق وهاتف ذكي إلى أخرى، وبعد مدة من تمكنه هذا يضرب هذه الأجهزة والأنظمة وحتى الخوادم المستضيفة (السيرفيرات) دفعة واحدة، بما في ذلك دخوله الأنظمة الاحتياطية (الباك أب)؛ هل سنطرح أسئلة صعبة؟ وهل سيجيب عنها أهل التقنية بذكاء؟

- السؤال الأول: هل نتوقع الأسوأ قبل حدوثه ونستعد له، بحيث قبل أن نخسر أجهزتنا هل يمكننا أن نبني جدارا يمنع هذا المتسلل ونمنع هذا السلوك؟ لأن واحدا من أهم أسس اكتمال العمل هو حمايته، أو ما يسمى بإدارة المخاطر.

- السؤال الثاني: لو جاء هذا المتسلل وتسلل بالفعل، ما حجم الأضرار المتوقعة؟ لأن حجم الأضرار تنبئك بحجم العمل قبل الذي يحب أن تستعد له.

- السؤال الثالث والأهم: لو حدث هذا الأمر لا قدر الله، واحتاج شهرا أو شهرين في إصلاح ما أفسده الفيروس الالكتروني، هل هناك بدائل ورقية أو غير ورقية (حتى لا أتهم بالتخلف والرجوع للوراء) تقوم بالواجب؟ مثال على ذلك لو ضرب هذا الفيروس القطاع المالي المصرفي، هل تتعطل العملية المالية بسبب تعطل المصارف؟ أم إن المصارف لديها خطة بديلة تجعل القطاع يعمل حتى لو تعطلت الأنظمة كخطة طوارئ؟ وأقول بصيغة أخرى: هل يمكن للمصارف أن تعمل - كخطة طوارئ- دون جهاز كمبيوتر؟

على الرغم من أن الحديث بالأخطار التي يمكن أن تحدق بنا يبدو أمرا مقلقا، وغير محبب، إلا أنه يجب أن يكون حاضرا، فإن كان الورق يحترق، فإن أجهزة الكمبيوتر تخترق، وإن كان ثمة فيروس ضعيف سهل التحكم فيه فقد يأتي فيروس آخر لا يمكن التنبؤ بما يفعل بنا، وهنا أريد أن أتوقع كل شيء، وأي شيء منطقي، حتى آمن كل الأخطار، بما في ذلك لو وضعنا نسخة ورقية يومية لكل التحديثات في قطاع الالكتروني، أعرف أن هذا صعب لكن يجب أن نعمل على الحلول قبل أن تقع تلك الواقعة.

إن أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع أن يفعل فيروس انفلونزا بالعالم مثلما فعل هذا الفيروس، فقد عطل الاقتصادات وضرب الملاءة المالية والسيولة، وأفقر شعوبا، وضرب القوة العاملة والعمال، وهدّ كيان القطاع الصحي في العالم كله، لأن العالم لم يستعد له، فلو كان العالم مستعدا له لما وقعت نصف هذه المصائب، ومن ثم؛ هل يمكن أن يحدث هذا في قطاع التقنية؟ أو في قطاعات أخرى؟ هل يجيب التقنيون بإجابات لا تسمن ولا تغني من جوع؟ أم إن لديهم حلولا تمنع من تمركز الفيروس ودخوله للسيرفيرات البديلة والسحابات التخزينية، وكذلك تضمن عدم إضرار أو تعطيل الحياة المالية أو غير المالية كالخدمات؟!

Halemalbaarrak@