شاكر أبوطالب

التجول الجزئي لقياس الوعي!

الأحد - 26 أبريل 2020

Sun - 26 Apr 2020

صدر الأمر الملكي الكريم بالسماح لجميع سكان المملكة بالتجول الجزئي في جميع المناطق السعودية من الثالث إلى العشرين من شهر رمضان، باستثناء مدينة مكة المكرمة والأحياء الخاضعة لمنع التجول الكامل، وذلك تخفيفا عن المواطنين والمقيمين في المملكة، ومساندة للقطاع الخاص بعودة بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية لممارسة أعمالها في فترة التجول الجزئي، والسماح لشركات المقاولات والمصانع بممارسة أنشطتها دون قيود على الوقت، مع الرقابة والمتابعة اليومية لمدى التزام الأنشطة الاقتصادية والتجارية والصناعية بتنفيذ التعليمات الاحترازية والتدابير الوقائية، واستمرار تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي من خلال منع تجمع أكثر من خمسة أشخاص في أوقات السماح بالتجول.

قد يستغرب بعضنا من رفع منع التجول الجزئي، خاصة مع تزايد الأرقام والبيانات اليومية التي يعلنها المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، والخاصة بالحالة الصحية في المملكة ومؤشرات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، رغم فرض منع التجول بالكامل خلال الأسابيع الماضية، تحديدا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. ولكن في الوقت نفسه يجب عدم إغفال أن هذا القرار مستند إلى تقارير وتوصيات الجهات الصحية المختصة في السعودية، المبنية على كم هائل من المعلومات الميدانية.

ولأننا في شهر فضيل، نفتقد فيه الأجواء الروحانية والطقوس الاجتماعية التي اعتدنا عليها في السنوات السابقة، ونتألم بسبب عدم القدرة على زيارة الأهل والأقارب، والاجتماع مع الأصدقاء والزملاء، خاصة على موائد الإفطار والسحور، والسفر لأداء العمرة، وغيرها من العادات والتقاليد المرتبطة بالشهر المبارك.

قد يرى بعضنا أن التجول الجزئي سيستغل من قبل الأشخاص الذين يفتقرون إلى النضج والوعي والمسؤولية، ولا يلتزمون بالتعليمات والإجراءات الاحترازية، حيث ستخرج هذه الفئة القليلة من منازلها لغير حاجة ودون ضرورة ملحة، وربما يخطط بعضهم الآن إلى تنظيم اللقاءات والاجتماعات، وكأن العالم لا يعاني من أسوأ كابوس في العصر الحديث. وربما ستساهم هذه الفئة غير المسؤولة وبصورة مباشرة في زيادة فرص الإصابة بالفيروس، وتبديد الجهود المبذولة من جميع الجهات الحكومية، وربما إعاقة خطط الحكومة للتصدي لهذه الجائحة العالمية.

ورغم ذلك أجد في السماح بالتجول الجزئي لفترة 18 يوما فرصة لمعرفة أثر جميع الإجراءات السابقة، والحملات التوعوية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، كما ستتاح الفرصة للسلطات الصحية والأمنية لقياس مستوى الوعي المتشكل لدى الفرد والمجتمع خلال الفترة الماضية، ومراقبة مدى الالتزام بتعليمات وإجراءات النظافة والوقاية والتباعد الاجتماعي، والوقوف على امتثال المرافق التجارية المسموح لها بمزاولة نشاطها لكل الإجراءات والتعليمات الحكومية.

واليوم وبعد كل ما سبق من قرارات وإجراءات اتخذتها القيادة السعودية لضمان صحة وسلامة المواطنين والمقيمين في المملكة، وتكبد الحكومة تكاليف ضخمة وتحمل تبعات اقتصادية كبيرة، يأتي قرار السماح بالتجول الجزئي ليضع المسؤولية في يد كل مواطن ومقيم للمساهمة في تعزيز الأمن الصحي في السعودية، وتعظيم الجهود التي يبذلها أبطال الصحة والأمن والتجارة وغيرهم، لتقديم نموذج إيجابي يُحتذى به عالميا ويمنح الأمل للبشرية.

ختاما، أتقدم للجميع بأطيب التهاني وخالص التبريكات بمناسبة حلول رمضان المبارك، سائلا المولى سبحانه أن يجعله شهر خير وبركة وسعادة، وأن يتقبل منا الصيام والطاعات، وأن يمن علينا بزوال هذه الأزمة في أسرع وقت، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

shakerabutaleb@