فاتن محمد حسين

جمعية أم القرى.. الدعم والوقف الخيري

مكيون
مكيون

الاثنين - 27 يونيو 2016

Mon - 27 Jun 2016

تأسست جمعية أم القرى الخيرية عام 1395 كأول جمعية نسائية في مكة، وكانت ولا زالت من أكبر الجمعيات التي تقدم دعما للمجتمع المكي، وكسبت خلال أربعين عاما من عطائها المتجدد ثقة المجتمع، فهي ترعى أكثر من ثلاثة آلاف أسرة، تشمل أرامل وأيتاما وأسر السجناء، بل هي كما وصفها أحد الخبراء الذي زارها «جمعيات عدة في كيان واحد» من خلال مراكزها المتعددة، والتي منها مركز الخدمة الاجتماعية الرئيسي، ويقدم الدعم للأسر الفقيرة، ويساهم في دعم وكفالة الأيتام، ومركز (دار الزهور) ويرعى 62 فتاة وطفلا، ويقدم لهم الإيواء وكل أنواع الرعاية من الدعم النفسي والاجتماعي والصحي والتعليمي والترفيهي. كما يوجد بالجمعية مركز روضة حديقة الطفل النموذجية، وقد أنشئت الروضة منذ نشأة الجمعية، وهي من أفضل الروضات في مكة المكرمة بما تهيئه من أجواء تعليمية وترفيهية تساعد على إكساب الطفل المهارات والخبرات اللازمة لنموه النمو الصحيح. ويتخرج كل عام حوالي 300 طفل. كما ترعى الجمعية الفئات المعرضة للعنف من أطفال وسيدات عن طريق مركز دار الوفاء للحماية الاجتماعية، حيث يقدم الرعاية والأمن، والعلاج، والتأهيل النفسي والاجتماعي للحالات. كما تقدم لهم دورات تأهيلية متنوعة، وتساهم في إلحاق الفتيات بالمدارس والجامعات.

علاوة على ذلك فالجمعية تهتم بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فئة متلازمة داون والتوحد عن طريق مركز (الأمل المنشود)، والذي تأسس عام 1425 لتقديم خدمات متميزة لهم، بل وتقديم دعم تربوي ونفسي وتأهيلي عال لهم ولأسرهم على أيدي أخصائيات متميزات في التعامل مع هذه الفئات، لتأهيلهم وتدريبهم حتى يكونوا أعضاء منتجين في المجتمع ومعتمدين على أنفسهم. وتخرج الجمعية سنويا ما لا يقل عن 140 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة بعد تدريبهم وتأهيلهم.

كما عملت الجمعية مؤخرا ومن خلال خطتها الاستراتيجية على تحويل أنشطتها من الرعوية إلى التنموية والاستدامة المالية من خلال مشاريع متنوعة وشراكات اجتماعية فاعلة لتطوير العمل، ولكن نظرا لما يواجهه العمل الخيري وخاصة الإسلامي من تحديات كبرى، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث وجهت أصابع الاتهام للمسلمين عموما وللعمل الخيري خصوصا في دعم الإرهاب العالمي، أصبحت التحويلات المالية والتبرعات تعاني من التضييق والمحاصرة، وبالتالي فقدت الجمعيات الخيرية، ومنها جمعية أم القرى الخيرية الكثير من مصادر الدعم، وصار تحويل أي مبلغ لأسرة ما أو يتيم يحاط بسياج من الإجراءات، خشية أن يقع التبرع في أيد عابثة بأمن الوطن، أو خشية أن تكون الأموال من مصادر غير نظيفة، أو من جهة تتخذ من الجمعيات وسيلة لغسيل الأموال.. ومن ذلك ما تم مؤخرا من إغلاق للأكشاك للتبرع في أبراج البيت، وهكذا فإنه كما يقولون «أولاد الحرام ما خلوا شيء لأولاد الحلال».

ولكن جمعية أم القرى الخيرية كصرح خيري كسبت الكثير من التقدير من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بما لديها من نظام مالي دقيق، وبما تعرضه كل عام من قوائمها المالية ومصروفاتها وإيراداتها ومركزها المالي.

ومن منطلقات الشفافية والمصداقية تعمل الجمعية على تأمين موارد مالية متنامية ومستدامة مع الشركاء وبناء التحالفات. وليس سرا أن نقول إن الجمعية قد تلقت وقفا خيريا ومنذ سنوات من سيدة محسنة - جزاها الله خيرا- وهو عبارة عن أرض، واشترطت بناء صرح تعليمي عليها. وقد قررت الجمعية - بناء على حصر ودراسة الاحتياجات الاجتماعية المكية - تشييد مبنى لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إن المبنى الحالي المستأجر صغير جدا لا يفي بالاحتياجات الأساسية لهذه الفئة الغالية على قلوبنا، كما أن قائمة الانتظار من الأطفال تصل إلى المئات وتتزايد كل عام. وقد قامت الجمعية بعمل الخرائط عن طريق أحد المتبرعين، جزاه الله خيرا، ولم يلبث أن اكتشف أن المبنى يكلف الملايين لبنائه ويحتاج إلى تضافر جهود ودعم من القطاع الخاص. ومن هذا المنبر نأمل من الأوفياء من رجالات الأعمال والتجار في القطاع الخاص مد جسور المحبة لأبناء مكة من هذه الفئة، وأن يلاقي هذا الطلب العطاء والدعم اللازم، فإنه وحسب الرؤية 2030 على القطاع الخاص أن يشارك ويتحمل مسؤوليته الاجتماعية في دعم العمل الاجتماعي، وذلك حسب تصريح معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية د. مفرج الحقباني الذي أكد على «ضرورة مساندة قطاع الأعمال للقيام بمسؤولياته تجاه الوطن والمجتمع والتصدي للتحديات الوطنية» - صحيفة مكة الخميس 19/‏8/‏1437 - فهل يصبح الحلم حقيقة على أيدي أقطاب العمل الخيري ليسجل ذلك في صحائف أعمالهم.. ويسجل لهم التاريخ السبق والريادة في العمل الخيري؟ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.