عبدالحليم البراك

مكة والمدينة في أيد أمينة!

الاثنين - 13 أبريل 2020

Mon - 13 Apr 2020

حقيقة مطلقة لا تقبل التأويل، لم يعتن ببيت الله الحرام عمارة وعناية وتوسعا في أي مرحلة تاريخية مثل هذه المرحلة، لا في الدولة الأموية ولا العباسية ولا العثمانية، بل لم يوسع للحاج والمعتمر، ولم تسهل الخدمة ويعتنى به في أي عصر مثل هذا العصر، ولا يزال هو أولوية العناية لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، بل إن لملوك المملكة كلهم بلا استثناء إسهامات في العناية ببيت الله لا ينكرها إلا جاهل.

فمنهم من وسع وصارت التوسعة علامة فارقة في عهده، ومنهم من خدم بيت الله في السر فلم يعلن، فمنذ عهد الملك عبدالعزيز بذلت عناية فائقة، ثم توسعة الملك سعود رحمه الله، تلتها عناية خاصة من الملك الفيصل رحمه الله ثم الملك خالد غفر الله له، ثم الملك فهد الذي تحمل توسعة أخرى لمكة والمدينة اسمه، يليه الملك عبدالله في توسعة غير مسبوقة باسمه رحمه الله، وأكمل الملك سلمان أمد الله في عمره عنايته ببيت الله في توسع تاريخي وعناية اقتصادية وتطوير خدمات، بل إن أحد برامج رؤية المملكة 2030 هي العناية بالحرمين الشريفين وتطوير العمل فيهما، والعناية بالإنسان المستفيد من هذه الخدمة وهذه رؤية تاريخية عالمية.

كل هذه المقدمة ليفهم التركي وغير التركي في حديثه عن الحرمين الشريفين، وأن يذكرنا ماذا فعل التركي للحرمين الشريفين طوال 700 عام إن كان فعل شيئا! كانت عنايته بمباني إسطنبول أكثر من عنايته ببيت الله، وكل خطابه لا يتعدى كونه سياسيا لا يمت للدين وخدمة الإسلام بصلة، وأنه يسعى إلى تسييس حج الناس لينقل أمن وأمان الحج إلى فوضى الخطاب السياسي التركي، وهذا ليس غريبا عليه.

دعونا نتأمل آفة كورونا على سبيل المثال، تأخرت في الوصول إلى تركيا، في حين وصلت إلى المملكة كباقي دول العالم، السعودية بقيادة حكيمة واعية سخية، ونظام صحي متقن استطاعت حتى الآن تحجيم هذه الآفة باقتدار، والجهود التي تبذل لا ينكرها أي وافد في هذه البلاد حتى مقارنة مع بلدانهم بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ومكة والمدينة ومنطقة المشاعر ضمن هذه المناطق حصلت على عناية فريدة ونوعية، مما حد من تقدم الحالات ولله الحمد. أما في تركيا فالآفة في تزايد مستمر بسبب نظام صحي مترد، وتقديم اقتصاديات الكيانات الكبيرة والإنتاج على الإنسان، فقفزت الأرقام في تركيا إلى مستويات مهولة، نسأل الله أن يحمي المسلمين في كل مكان في العالم.

وبعد هذا، لو أن الأماكن المقدسة في أيد كتلك الأيدي ما الذي سيحدث؟ لقفزت الأرقام وتحولت إلى كارثة، لكن قيض الله لهذه البلاد حكومة سخية ورجالات في الصحة عاملة بجد واجتهاد، ووعي مواطن ومقيم، حتى بتنا نرى الأرقام - حتى الآن - في نطاق معقول مقارنة بغيرنا.

نسأل الله أن يديم علينا وعلى الإنسانية في بقاع المعمورة الصحة والعافية، وأن لا يغير علينا ما وهبنا من نعمه الظاهرة الباطنة، وأن يرد كيد من به كيد إلى نفسه، وأن يجزي يد السخاء خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان خير الجزاء، وأن يحفظ لنا أبطالنا البواسل في الحدود الجنوبية، وحدود الوطن من جمارك وجوازات وأبطال الصحة بلا استثناء، وأن لا يريهم مكروها في أنفسهم.

Halemalbaarrak@