عبدالله المزهر

التقبل والتسليك

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 12 أبريل 2020

Sun - 12 Apr 2020

وأنت تمارس حياتك في ظل الحجر الصحي ومنع التجول فإن أهم ما يجب أن تتفهمه وتدركه أن هذا وضع استثنائي، واستثنائي تعني - كما تعلم - أنه يختلف عن الظروف العادية التي تحصل فيها على جل ما تتمنى وتفعل فيها غالب ما تريد.

في مثل هذه الأوقات ليست بعض الكماليات فقط هي التي يفترض أن تتخلى عنها، بل إنه من الطبيعي أن يصل الأمر إلى بعض الضروريات.

والمطلوب منك أن تتقبل هذا الوضع وتحاول التكيف معه، وأظنك تعلم أن تقبله لا يعني أن تدعي محبته، كراهيتك أو تململك من القيود التي تفرضها هذه الظروف أمر عادي، ولا يدل على أنك كائن تكره الوطن كما قد يصوره لك بعض الذين ينادون بمثالية غير موجودة في الحياة حتى الآن. ولكنه ربما يدل على أنك كائن بشري يحب الحياة إذا ما استطاع إليها سبيلا. الفكرة تكمن في قدرتك على الصبر والتحمل والتكيف، وهذه الفائدة الرئيسية التي يفترض أن تخرج بها من هذه الورطة التي تتشارك فيها مع كل البشر تقريبا.

وفي زعمي أن الذين يصورون للناس أنهم مستمتعون بالحجر الصحي وبمنع التجول وأن هذه الظروف هي أجمل تجاربهم لا يختلفون كثيرا عن أولئك الأنانيين الذين يبذلون كل جهد في التحايل والكذب من أجل الخروج دون ضرورة ماسة، كلاهما مستفز.

وأزعم أيضا أنه ليس مطلوبا منك أن تخرج من هذه التجربة وقد تعلمت عشر لغات وأتقنت ثمانين فنا، وأصبحت مبدعا في سبع صنائع، عدم قيامك بأي من هذا ليس دليلا على فشلك، إن حدث وتعلمت في هذه الأزمة شيئا جديدا أو علما نافعا فهذا شيء جميل، وإن لم تفعل فإنه ليس شيئا قبيحا. تعد الأمر بسلام وبصحة بدنية ونفسية واجتماعية جيدة وسيكون هذا مفيدا لك أكثر من تعلمك اللغة الصينية أو معرفتك بطرق تخصيب اليورانيوم أو دراستك لتاريخ الإغريق.

وعلى أي حال..

«التسليك» في هذه المرحلة سيكون شيئا رائعا من أجل صحة نفسية أفضل، فكر في تأجيل التدقيق والمحاسبة ومحاولة فرض رأيك على من حولك إلى مرحلة ما بعد عبور النفق، وأصدقكم القول إني أتمنى حجب «قوقل» في هذه الأيام حتى يكون لدينا متسع من «السوالف»، لأني بدأت أتضايق من أفراد أسرتي الذين يلجؤون لقوقل بعد كل قصة أو خبر أقوله لهم ثم ينظرون إلي تلك النظرات التي تقول: لقد عرفنا الحقيقة ولكننا لن نخبرك بأنك تكذب.

agrni@