عبدالله العولقي

الإبداع في زمن الكورونا

الخميس - 09 أبريل 2020

Thu - 09 Apr 2020

الآن وفي ظل أوضاع الحجر الصحي التي يعيشها أغلب الناس حول العالم، فرصة لا تقدر بثمن، وهي فرصة إتمام الأعمال الإبداعية.

لو سألت أحدنا قبل أزمة كورونا عن آخر مرة ختم فيها القرآن الكريم، لكان الرد في الغالب خلال شهر رمضان الماضي، فالغبار المتراكم على المصاحف دائما ما كنا نبرره بزحمة الأعمال اليومية، وعدم توفر الفرصة السانحة لتلاوة القرآن الكريم، الآن وفي هذا الوقت العصيب الذي تمر فيه الإنسانية جمعاء، والذي يحتم على الكل البقاء في المنازل فرصة سانحة لتبديد الأعذار السابقة والمضي قدما في إنجاز مهام رائعة تضيف لنا قيمة إضافية في الحياة.

ذكر أحد مواقع الإحصاء الرقمي التنامي الملحوظ في زيارة المواقع الالكترونية التي تقدم خدمة الدورات والمحاضرات المجانية للراغبين في تطوير مهاراتهم وصقل مواهبهم، كدروب ورواق وإدراك، وسواها من المواقع الأخرى، وهذه ظاهرة إيجابية في ظل الأوضاع الراهنة، فإشغال الذات بحصد الشهادات والخبرات المتنوعة في أجواء الحظر الصحي يعكس الصورة الحضارية للمجتمع السعودي والعربي.

أحد الزملاء أخبرني أنه منذ أزمة الكورونا وهو قابع في منزله ملتزم بالحجر الصحي، وقد استطاع أن يستفيد من وقته ويتقن لغة البايثون البرمجية، وأصبح يجيدها إجادة مقبولة على الرغم من أن عمره قد تجاوز الأربعين عاما.

وحتى لا نذهب بعيدا، كثيرون لا يعلمون أن الكاتب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير كتب أهم مسرحياته الخالدة في أجواء زمنية تشبه أيامنا هذه، فعندما اجتاح وباء الطاعون إنجلترا، التزم الكاتب الكبير منزله، وأنجز أهم ثلاث عناوين في تاريخ الأدب الإنجليزي، هي أنطونيو وكليوباترا، وماكبث، والملك لير.

وتتكرر قصة مشابهة للأديب الروسي الشهير بوشكين، فعندما اجتاحت الكوليرا عام 1830م معظم البلاد الأوروبية، قرر بوشكين عزل نفسه في المنزل، وقطع وقته بين القراءة والكتابة حتى تمكن من إنجاز أهم أعماله الأدبية، وهي روايته الشعرية الشهيرة (يفغيني أونغين)، وفي تلك القصة المبهرة يمكننا أن نرى شخصية بوشكين وأصدقاءه وأقاربه جلية في وجوه أبطال رائعته الإبداعية.

وبين عامي 1892 و1899، انتشر وباء الكوليرا مرة أخرى في روسيا، واعتزل الكاتب والطبيب أنطوان تشيخوف في بيته، وفي أجواء العزلة كتب الروائي الشهير أهم أعماله القصيرة كالغرفة رقم 6، والراهب الأسود، ولكونه طبيبا كانت له إسهامات إنسانية في تلك الفترة تتمثل في مساعدة الفلاحين المحليين في مواجهة وباء الكوليرا، وقد ظل في مهمته الإنسانية حتى توفي عام 1897م.

وأخيرا، في أجواء الحظر الصحي، فرص زمنية سانحة لختم القرآن الكريم وتطوير الذات وتقديم الأعمال الإبداعية في الرسم والرواية والشعر والأعمال الأخرى فاغتنموها.

@albakry1814