أحمد الهلالي

لهم وجع الحرب ولنا النصر والمستقبل!

الثلاثاء - 07 أبريل 2020

Tue - 07 Apr 2020

منذ أن اختطت السعودية طريقها الحديث في رؤية 2030 أصبحت هدفا لفئات كثيرة، صوبت فوهات مدافعها نحو وطننا وقيادته، وكل تلك الأصوات نعلم محركاتها ودوافعها، فبلادنا لم تسلم من شرور أولئك الحاقدين منذ أن كانت بالأردية التي يتباكون عليها اليوم، فقد كانوا يسمّونها بلاد الوهابية المتشددة، وحين استطاعت بوعي وحكمة أن تتجاوز تهم التشدد، ومضت إلى تنقية العالم من شرور الإرهاب والمتشددين، لاحقها المغرضون، واتهموها بمعاداة الدين والمتدينين، فمن هؤلاء وماذا يريدون؟

هؤلاء باختصار هم أصحاب مشروعات ومصالح خاصة، بعضهم منخرط في مشروعات سياسية ابتغت الأممية سبيلا فأصبحوا مطايا قوميات أخرى، وانكشفت سوءاتهم حتى للمتعاطفين بعد ثورة 30 يونيو 2013 المصرية التي دعمتها السعودية وبعض دول الخليج، وما تزال تلك الضربة بليغة الأثر تحدث كل ردات الفعل التي نسمعها ضد بلادنا، سواء عبر رموز التنظيم وأتباعه، أو عبر مستغليهم في قطر وتركيا وإيران، أو عبر السذج الذين ما يزالون منخدعين بخطاب المحتالين، ثم جاءت الضربة القاضية بمقاطعة قطر وإيران، وإطاحة السعودية بالمخططات الإردوغانية، وبعثرة أوهامهم.

الفئة الأخرى خسرت مصالح اقتصادية كبرى، كانت تعمل بكفاءة قبل أن تعمد السعودية إلى تحديث أنظمتها الاقتصادية، وتشن الحرب الجريئة ضد الفساد والفاسدين، التي أعلنتها عمليا في نوفمبر 2017 فيما تعرف إعلاميا بـ (اعتقالات الريتز)، فمنذ ذلك التاريخ تهاوت طموحات أولئك المفسدين، ولم تعد خدعهم، ولا القوة الوهمية التي يصورون تمتعهم بها تغني شيئا في مواجهة قانون العدالة الصارم، الذي أرغمهم على رد الحقوق إلى أصحابها، سواء أكانت مالية أم عقارية أم فرصا استثمارية، أم غيرها.

لو أعاد القارئ العزيز الذاكرة قليلا إلى ما قبل إرادة التغيير السعودية، لوجد اختلافا في مواقف كثيرة، فعلى سبيل المثال كان التحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن يلقى ترحابا حارا من كل أولئك، لكن الأمور تغيرت، وباتت السعودية (في نظر الأشرار) معتدية على الحوثيين، وبات التحالف هدفا لتأليب الرأي العربي والعالمي ضده، وبات مفاعل بوشهر الإيراني وصواريخها الباليستية وطائراتها المسيرة وخامنئي وقواه المسلحة والإرهابية حمائم سلام! ونسي المغرضون القضية السورية وما يلاقيه السوريون والعراقيون واليمنيون والليبيون، وباتت السعودية في إفكهم هي المسؤولة عما تقترفه إسرائيل ضد الفلسطينيين، وهي المسؤولة عن كل حدث على سطح الكوكب.

لهاتين الفئتين امتدادات عميقة داخليا وخارجيا، ولمن وراءهم مصالح وغايات كانت مرتبطة بهم، لكن السعودية أذكى من إبقاء الوهم قائما، وأقوى من أن تجعل لهؤلاء المسكونين بالغل والجشع والأجندة موطئ قدم على ساحتها الداخلية والخارجية، فبادرت إلى إجراءات عملية كفيلة بهدم (صنم الترهيب) الذي صنعوه في الذهنية، فلا مكان لبسط نفوذ قوى دينية أو اقتصادية أو سياسية فوق إرادة الوطن وسلطته السياسية.

نحن في حالة حرب فعلية منذ أن عقدت القيادة عزمها الأبي على العبور بالوطن إلى ضفة التأثير العالمي، علميا وثقافيا وفكريا واقتصاديا وسياسيا، والخروج من معتقل السوق النفطية وتقلباتها إلى فضاءات الإنتاج العصرية الأخرى، خاصة ونحن نمتلك المقومات الكفيلة بالانعتاق من أسر الاعتماد على النفط. نعم نحن في حالة حرب منذ أن قررنا التغيير، وكل الملفات الداخلية والخارجية، والحقيقية والمزورة، مرشحة للاستخدام في الحرب علينا، لكننا صمدنا وما نزال بقوة وصلابة القيادة، وبوعي المواطن وذكائه، ولا يصح إلا الصحيح.

نحن منتصرون، وأعداء بلادنا اليوم في حالة احتضار فعلية، وقد تكسرت كل رماحهم على صخرة وحدتنا الوطنية الصلبة، وعلى وعي مواطنينا ومتانة إيماننا العميق بقيادتنا، وسلامة النهج وصدقه ونقائه في سعيها الحقيقي الحثيث إلى صناعة غد مزهر مثمر لوطننا إنسانا ومكانا، فتأملوا مؤشرات احتضارهم حين أصبحوا يعادون كل ما لنا، ويفرحون بكل ما علينا، ويختلقون أحداثا وهمية ويزورون ويفبركون، ويذهبون مذاهب شتى في تحليلاتهم وتأويلاتهم، يعظّمون أصغر خطأ حتى لو وقع من مراهق جامح، ويقللون من كل منجز حتى لو غير وجه العالم، فلا يبلغ هذه الحال إلا الضعيف المهزوم، ويكفي انهزامهم وضوحا أنهم ينسبون كل حدث كوني إلى بلادنا، فلا تتعجبوا إن قالوا يوما إن (السعودية العظمى) زادت من ميلان محور الأرض بعظَمَتها، فقد باؤوا بوجع الحرب، وفزنا بالمستقبل والمجد!

ahmad_helali@