حنان درويش عابد

حوكمة الأعمال تحت مظلة التقنية لمواجهة كورونا

الثلاثاء - 07 أبريل 2020

Tue - 07 Apr 2020

مع ارتفاع مستوى التأهب العالمي للتعامل مع فيروس كورونا، ومع تأكد وصوله إلى ما يزيد على 160 دولة حتى الآن، يواجه العالم اليوم أزمة غير مسبوقة يشهدها جيلنا كتجربة هي الأولى من نوعها، ومع أن الأوبئة ليست أمرا جديدا في التاريخ، إلا أن وباء كورونا هو الأول انتشارا على امتداد بقعة جغرافية واسعة، ومن المعلوم أن السبب يرجع إلى ما شهدته البشرية من تطور في قطاع الطيران، وإلى تحقق نظرية العولمة الأهم من بين نظرياتها وهي عولمة المال والأعمال، مما جعل السفر لأغراض الأعمال أمرا رويتينا يوميا من دولة لأخرى ومن قارة لأخرى.

وفي ظل هذا الوضع المتأزم الذي لا يخفى على أحد مدى الخطورة التي بلغها، يواجه قطاع الأعمال حول العالم أزمة غير مسبوقة، ليس فقط على صعيد الهبوط الحاد الذي شهدته ولا تزال تشهده بورصات العالم، وما تبعه من خسائر بالمليارات للشركات العالمية، ولكن أيضا على صعيد التشغيل وإدارة العمل، ناهيك عن وجود مئات الأعمال التي تتطلب حركة على الأرض كالمطاعم والمخابز وقطاع تجزئة المواد الغذائية، وما إلى ذلك من الحرف والأعمال التي لا يمكن إتمام عملياتها عن طريق شبكة الانترنت عن بعد، ومن المرجح أن تكون هذه الأعمال هي الأكثر تضررا من بين أنواع أخرى.

وتجد الشركات التي تستطيع القيام بأعمالها عن بعد آمنة إلى حد كبير، وهي حقيقة كان تطور شبكة الانترنت وراءها ومحركا لها، فالأعمال التي تتعلق بالبرمجة والتسويق، وإدارة المحتوى والكتابة والمحاسبة، وعديد من الأعمال الإدارية التي تمارس في القطاع الخاص سيمكن دوما إنجازها بدرجة جيدة طالما توفرت خدمة الانترنت.

ومع ذلك، ليس القطاع العام استثناء، فمع وجود تقنية الخدمات الالكترونية والذكية لم يعد من الصعب إنجاز كثير من الأعمال من خلال التقنية الذكية، فتصديق العقود، وإنجاز كثير من المعاملات الحكومية ممكن وليس بالأمر المستجد، بدعم من بوابات الدفع الالكترونية التي تجعل من الانتقال من البيت إلى المصلحة الحكومية أمرا لا ضرورة فيه.

والتعليم والتدريب ليسا استثناء أيضا، وإذا ما استثنينا أهمية التواصل الفيزيائي بين المعلم وطلابه وما يوفره ذلك من فوائد، يمكننا تجاوز تلك الفوائد في وقت أزمة كهذه، ويتعين علينا الانتقال فورا إلى تقبل حقيقة أننا نواجه أزمة كبرى بات من الواضح أنها أضخم مما كان يعتقد في بدايتها، وهذا تتبعه حاجة ماسة إلى تنفيذ فوري لخطط بديلة، خاصة في قطاع التعليم المدرسي والجامعي.

العمل عن بعد حلم ما كان ليتوفر للأجيال السابقة في خضم أزمات أوبئة، ونحن الجيل الأول في تاريخ البشرية الذين نستطيع اليوم أن نعمل عن بعد من منازلنا، وهذا من رحمة الله تعالى بنا، فنحن في زمن الانتقال السريع بالطائرة، وهو ما يعني انتشار الأوبئة أكثر من أي عصر سابق من عصور البشرية، فقدر الله لنا حلولا تقنية ليساعدنا على مواجهة كارثة عالمية كهذه، فالحمد لله الحكيم العليم.