شاهر النهاري

حوار مع السيد كورونا

الاثنين - 06 أبريل 2020

Mon - 06 Apr 2020

كنت أحلم بسبق صحفي، أسبر فيه أغوار الحقائق، فتقدمت للسيد كوفيد 19، أثناء انشغاله في غرفة عملياتهم المستجدة، وطلبت محاورته، فتمنّع كثيرا وتهرّب، لولا أني عرفت كيف أستفزه، بالتلويح بشعار #خليك_بالبيت، ليقترب مني والزّبد يترجرج من فوق أطراف زوائده القُمعية، فأبادره: هل أنت مخلوق أم مصنوع؟

فيضحك وهو يشير لاستدارة جسده: كل هذه النعمة، وتقول عني مصنوعا! أنا مثلك تماما، مجموعة أحماض أمينية، وقد كنت ساكنا مسالما راضيا، حتى هجمتم علينا أيها البشر، بـ(طفاستكم)، ومضاداتكم وسمومكم، مما اضطرني إلى مغادرة حاضنتي وتطوير قدراتي وتعديل شيفرتي الوراثية.

فأستفزه: لماذا تتعنصر ضد جنسنا البشري؟

فيشير إلى كفوفي وكمامتي: أنتم آخر من يتكلم عن العنصرية، انظر كيف نهاجمكم ونقتل فيكم، وأنتم تعجزون عن الاتحاد ضدنا، بقلوبكم الشتى وخداعكم واستغلالكم موجه من بعضكم لبعض.

وهنا أشعر بطعنته في حلقي: إذن تعتقد أنكم أقوى منا؟

فيمسح أحد أقماعه: مؤكد، نحن الأقوى لأننا متوحدون صامتون، ولنا رؤية وهدف ورسالة مكنتنا من التغلب على مشاكلنا الداخلية.

فتتحشرج أنفاسي: رؤيتكم شريرة أنتم تريدون استعمار الأرض وإفناء من عليها.

فيهز إحدى زوائده في وجهي: لا تتكلم عن الشرور والاستعمار، فنحن تلاميذ صغار عندكم، ثم لماذا تستكثر علينا ذلك، ألم تستعمروها أنتم عصورا من الزمان، بعد زوال إخوتكم الديناصورات، أم إنها عنصرية أحجام؟

فأصرخ رغم تخشب حلقي: الديناصورات لم تفن مخلوقات قبلها، ثم إننا براء من عملية انقراضها.

فيضع قمعا على قمع، ويشرح: لماذا الكذب يا بشر؟ هل حضرتم تلك الفترة لتعرفوا ما حدث فيها؟ أم إنكم كعادتكم ترتاحون للغيبيات وفكرة المؤامرة، وتلمس المستحاثات والحفريات. الأمور أبسط من ذلك بكثير، فأنتم طعامنا المفيد، ورغم لذة بعض الحيوانات الأخرى، إلا أنكم الأفضل حاليا والأسرع وقوعا.

فأسعل وأمسح عيني الحمراء: وهل تعتقد أننا لن نستخدم علومنا واختراعاتنا لصد أطماعكم وشهواتكم ونزواتكم، نحن أعقل مخلوقات الأرض.

فيتدحرج على قفاه ضاحكا: زغزغت مشاعري على غفلة. يا إنسان كل معارفكم وعقولكم وصناعاتكم واكتشافاتكم موجهة ضد جماعاتكم، فأنتم تستمتعون بالسير على جثث إخوتكم بحجج الكرامة والحدود والاستعمار والإرهاب، وسياسات مريضة وأيديولوجيات واهمة، وفساد وتسلط وحروب دمار شامل، أنتم نكبة الكون.

فأحاول ترقيع الصورة: ولكننا على الجانب الآخر رحماء، نصنع الدواء ونوزع الخيرات على الفقراء و.. فيقاطعني: هل جئت تحاورني أم لتكذب عليّ؟ أنا أعلم ماذا يحدث في نظامكم العالمي، وكواليس حكوماتكم، وتوجهات جمعيات حقوق الإنسان، والصحة العالمية والإغاثة، من أخذ الكثير وبذل القليل. رحمتكم مجرد شعارات، وألبسة لتغطية شروركم.

فأنزلق معه: حسنا، لنفترض ذلك، ولكن دعني أعد للسؤال الأهم: متى سترحلون عن أرضنا؟

فيغرق في ضحكة مستديرة: ولماذا هي أرضكم؟، ثم هل رحل الإيدز أو غيره من الفيروسات المستعصية؟ عيشوا ودعونا نعيش،ولا تضيقوا السبل علينا.

أكاد ألكمه على قمعه: يا أخي المخلوق، كيف لنا أن نعيش معكم في كوكب واحد؟

فتسر سرائره: إذن فلترحلوا أنتم.

فأستشيط: أنت حقير، ولو رحلنا ستموتون أنتم.

فيقترب مني، وهو يدغدغ حويصلات رئتي ببرود: ولماذا تشتم؟ وما الذي يدريك ربما يعود لنا الديناصور بشحمه ولحمه الأكثر لذة!

Shaheralnahari@