عبدالله قاسم العنزي

التقاضي عن بعد وضرورة المحكمة الالكترونية

الأحد - 05 أبريل 2020

Sun - 05 Apr 2020

يعيش اليوم العالم أزمة صحية عطلت الحياة العامة، وفرض فايروس كورونا المستجد فلسفة وقائية على الناس كالتباعد الاجتماعي ما بين الأفراد، كذلك هو الحال في التباعد بين الأفراد والمؤسسات، الآن المؤسسات الحكومية تعيش كالجزر معزولة عن المراجعين، الكل يعمل عن بعد من خلال الانترنت والشبكة العالمية التي قدمت خدمة عظيمة للإنسانية.

تكنولوجيا المعلوماتية دخلت في كل شيء وفي كل مجال، وأصبحت الخدمة تقدم لك وأنت في بيتك من خلال الاتصال المرئي والتواصل المباشر.

حديثنا اليوم في ظل هذه الظروف التي ستذهب مرارتها من الحلقوم قريبا بإذن الله، عن مفهوم المحكمة الالكترونية والتقاضي عن بعد، وهي مبادرة جديدة من مبادرات وزارة العدل، تهدف إلى تطبيق إجراءات التقاضي للفصل في الدعاوى بدءا من رفع عريضة الدعوى وصدور الحكم وتنفيذه بطرق غير تقليدية بواسطة وسائل الاتصال الحديثة لمواكبة حالة التطور التقني المعلوماتي أولا، ولتجاوز هذه الأزمة وتسيير مصالح العباد.

إن التقاضي عن بعد سيثبت كفاءته من خلال اختصار الوقت والجهد والنفقات لكل دعوى، وتجاوز حالة إطالة أمد الفصل، وسيغلق أبواب التخلف عن حضور جلسات المحاكمة، ويقطع الطريق على افتعال الأعذار لكسب الوقت من الخصم المماطل، وسيقلل من تراكم القضايا التي تملأ مساحات كبيرة في المحاكم، وسيمتص حالة الزحام بين المتقاضين في أروقة المحاكم، وسيجعل سجلات المحكمة أكثر أمانا لأن الوثائق والمستندات الالكترونية أكثر مصداقية من المستندات التقليدية - الورقية، إذ من السهل اكتشاف أي تغيير أو تحوير فيها، إضافة إلى سهولة الاطلاع عليها والوصول إليها، كما أن هذا النوع الجديد من التقاضي الحديث سيخلص المحاكم من الأرشيف الورقي الضخم، واستبداله بأرشفة الكترونية بسيطة، باستعمال أقراص مدمجة ونسخ احتياطية منها، تتسع لمعلومات كبيرة جدا، ولا تشغل إلا حيزا مكانيا بسيطا، بدلا من الغرف والمستودعات الضخمة التي أشغلت المحاكم!

إن مفهوم المحكمة الالكترونية من المصطلحات والمفاهيم الحديثة، حيث لم يظهر إلا قبل سنوات بعد انتشار مصطلح الحكومة الالكترونية، وهنالك تجارب لبعض الدول مثل أمريكا والصين وسنغافورة والبرازيل وبعض الدول العربية، لها تجارب ناجحة جدا في الخدمات العدلية الالكترونية، والمؤسسات العدلية لدينا في المملكة المتمثلة في وزارة العدل وديوان المظالم تقدم خدمات عدلية الكترونية سهلت كثيرا من الإجراءات واختصرت الوقت على المستفيدين من خدمات العدلية.

الأربعاء الماضي 8/8/1441 هـ عقدت المحكمة التجارية بجدة جلسة عن طريق الاتصال المرئي، دون حضور أطراف الدعوى، وكانت تجربة رائعة ومميزة، ونتمنى أن تعمم هذه التجربة المميزة للمحكمة التجارية بجدة على كل المحاكم، وأن تنشأ لدينا محاكم الكترونية، حيث أصبح التقاضي الالكتروني حقيقة واقعية في عالم يرغب في العمل الجاد والتطوير المستمر الذي يواكب كل جديد.

أتمنى من المؤسسات العدلية تحقيق هذه التجربة على أرض الواقع، لأنها من وجهة نظري متطلب لرؤية الاستراتيجية للمملكة 2030. دمتم بعافية وإلى حديث قانوني آخر.

expert_55@