طلال الشريف

ليسمح لي مجلس شؤون الجامعات الموقر

السبت - 04 أبريل 2020

Sat - 04 Apr 2020

اطلعت كغيري من المعنيين على أحد قرارات مجلس شؤون الجامعات الموقر في اجتماعه الأول، المتعلق بمعالجة وضع المعيدين والمبتعثين المتعثرين في إكمال دراساتهم العليا، والمتضمن:

إنهاء خدمة المعيد إذا منح مهلة سنة للبدء في دراساته العليا أو دراسة اللغة من تاريخ صدور قرار مجلس شؤون الجامعات الموقر ولم يتمكن من ذلك، ويجوز لمجلس الجامعة تمديد المهلة عند الضرورة بما لا يتجاوز سنتين كحد أقصى.

التأكيد على الجامعات بتطبيق الفقرة رقم واحد من المادة (30) من لائحة الابتعاث، والمتضمنة إنهاء خدمة المبتعث المتعثر في دراسته العليا، وذلك بطي قيده في مدة لا تتجاوز السنة من تاريخ إنهاء بعثته مع مراعاة ما تضمنته المادة من منح مجلس الجامعة صلاحية تمديد تلك المهلة عند الضرورة.

وليسمح لي المجلس الموقر بمناقشة بعض الجوانب ذات العلاقة المباشرة بحيثيات القرار وبمضمون القرار.

استند القرار في حيثياته إلى أن أمانة مجلس شؤون الجامعات قامت بدراسة الموضوع في ضوء ما تقضي به المادة (52) من نظام الجامعات الجديد، والتي تنص على أن «يكون ارتباط جميع موظفي الجامعة بمن فيهم أعضاء هيئة التدريس والإداريون والفنيون بالجامعة وفقا لنظام العمل»، وكذلك قامت بدراسة الموضوع في ضوء المادة (25) من نظام الخدمة المدنية، التي تنص على أنه «يجوز التعاقد للقيام بأعمال بعض الوظائف وفقا لما تحدده اللائحة».

والأسئلة التي تطرح نفسها: كيف لأمانة المجلس الموقر أن تدرس الموضوع في ضوء النظام الجديد للجامعات الذي نصت مادته (58) على العمل بالنظام بعد 180 يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية والذي نشر بتاريخ 11/3/1441هـ؟ وهو ما يعني العمل بنظام الجامعات الجديد قبل تاريخ نفاذه، وأيضا كيف لمجلس شؤون الجامعات الموقر أن يتخذ قرارا بالاستناد على مادة في نظام الجامعات الجديد قبل أن يقر المجلس سياساته ولوائحه التنظيمية والإدارية والمالية والأكاديمية وفق المادة (7) منه؟ فضلا عن منح الجامعات التي سيطبق عليها نظام الجامعات الجديد مدة انتقالية (سنة) من تاريخ نفاذ نظام الجامعات الجديد، بحيث يستمر خلالها العمل باللوائح الجامعية الحالية. وكان من الأفضل التريث في هذا الموضوع إلى حين بدء تاريخ تنفيذ نظام الجامعات الجديد وإقرار مجلس شؤون الجامعات الموقر للوائح والأنظمة الإدارية والمالية والأكاديمية المكلف بها بموجب النظام الجديد طالما تم الاستناد في حيثيات القرار على إحدى مواده.

الأمر الآخر، المعيدون والمحاضرون المتعثرون على حالتين: الحالة الأولى معيدون ومحاضرون على رأس العمل ولم يتمكنوا من الحصول على قبول لإكمال دراساتهم العليا داخليا أو خارجيا، لأسباب عديدة منها ما يتعلق بضعف قدراتهم وإمكاناتهم، ومنها ما يتعلق بصعوبات الحصول على قبول في الجامعات المعتمدة، ومنها ما يتعلق بضعف معايير تعيين المعيدين والمحاضرين في الجامعات. الحالة الثانية: معيدون ومحاضرون بدؤوا دراساتهم العليا ولم يتمكنوا من الاستمرار وإكمال دراساتهم بسبب ضعفهم العلمي أو لعدم قدرتهم على التكيف في بلدان ابتعاثهم. وقرار مجلس شؤون الجامعات الموقر بإنهاء خدماتهم بعد منحهم مهلة سنة - قابلة للتمديد عند الضرورة من قبل مجلس الجامعة بما لا يتجاوز سنتين كحد أعلى - سترافقه صعوبة بالغة في تطبيقه على المعيدين والمحاضرين، وعلى الجامعات نفسها، وفق نظام الجامعات القديم لأسباب أهمها:

العقد شريعة المتعاقدين، وقرارات تعيينهم كمعيدين أو محاضرين لم تتضمن فقرة أو نصا يمنح الجامعة أحقية إنهاء خدماتهم الوظيفية في حال تعثروا في إكمال دراساتهم العليا أو لم يتمكنوا من الحصول على قبول للدراسات العليا في الجامعات المعترف بها، حتى وإن نصت الفقرة (1) من المادة (30) من لائحة الابتعاث والتدريب لمنسوبي الجامعات على طي قيد المتعثرين بعد إنهاء ابتعاثهم، لأن الأصل في العلاقة بين الجامعة والمعيدين والمحاضرين قرار التعيين، وليس نتائج قرار الابتعاث.

كثير من المعيدين والمحاضرين المتعثرين أمضوا سنوات طويلة في الخدمة الحكومية في جامعاتهم وفق نظام الجامعات القديم، وإنهاء خدماتهم سيترتب عليه ضرر عليهم وعلى أسرهم وعلى مستقبلهم عموما.

تحويلهم إلى أعمال إدارية في المرحلة الحالية وفق الفقرة (2) من المادة (30) من لائحة الابتعاث والتدريب لمنسوبي الجامعات (وهو الحل الأنسب والأقل ضررا) غاية في الصعوبة، لعدم توفر الوظائف المناسبة لهم في الجامعات، ولعدم ملاءمة تخصصات كثير منهم للعمل الإداري، والحاجة إلى إعادة تأهيلهم وظيفيا.

ولا شك أن قرار مجلس شؤون الجامعات الموقر نبيل في غاياته، ويتماشى مع مستهدفات رؤيتنا في 2030 بأن تكون خمس جامعات سعودية ضمن أفضل مئتي جامعة على مستوى العالم، وهو ما يتطلب التركيز على المعيدين والمحاضرين الذين يشكلون لبنة الجامعات الأساسية ومستقبلها في النهوض ببرامج التنمية والارتقاء بمستواها نحو المنافسة العالمية، ولكن القرار فيه قسوة على المعيدين والمحاضرين المتعثرين في دراساتهم العليا وتحميلهم المسؤولية كاملة، في حين أن مسؤولية هذه المشكلة العويصة تعود إليهم أنفسهم بالدرجة الأولى، وإلى الجامعات فيما يخص ضعف معايير قبول المعيدين والمحاضرين، وضعف برامج تأهيل المعيدين والمحاضرين للابتعاث للدراسات العليا، وصعوبة بعض شروط الابتعاث المتعلقة بدول الابتعاث والجامعات المعتمدة ومدة الدراسة.

وعلى ضوء ذلك فإن المأمول من مجلس شؤون الجامعات الموقر إعادة النظر في القرار وحيثياته، ونقترح بعض الحلول لمعالجة مشكلة المعيدين والمحاضرين المتعثرين في مختلف حالاتهم:

تجنب إجراءات إنهاء خدمة المعيدين والمحاضرين المتعثرين حتى لو تمت الإشارة إليها في نظام الجامعات القديم وتحديدا في لائحة الابتعاث والتدريب لمنسوبي الجامعات، لأن الجامعات تتحمل جزءا من المسؤولية، بحكم عدم توفيقها في اختيار الكفاءات المناسبة من المعيدين والمحاضرين المتعثرين، ومراعاة للبعد الإنساني لمستقبل المعيدين والمحاضرين.

معاملة المعيدين والمحاضرين المتعثرين في دراساتهم العليا بموجب نظام الجامعات القديم، لعدم نفاذ تاريخ نظام الجامعات الجديد، ولأن نظام الجامعات الجديد سيطبق في مرحلته الأولى على ثلاث جامعات فقط، وليس على كل الجامعات، لضمان تحقيق العدالة بينهم في مختلف الجامعات.

من مضت عليه ثلاث سنوات من المعيدين والمحاضرين ولم يتمكن من الحصول على قبول للدراسات العليا أو تعثر في دراسته وصدر قرار إنهاء ابتعاثه؛ يجب تحويله بأسرع وقت ممكن إلى عمل إداري.

لعدم توفر وظائف إدارية في الجامعات، خاصة في هذه المرحلة، يجري تحوير وظائف المتعثرين المعينين عليها إلى وظائف إدارية، وفق عدد سنوات خبرتهم وأنظمة وزارة الموارد البشرية، وتعويض الجامعات عند توفر وظائف من وزارة المالية.

تقوم الجامعات بالتزامن مع تحوير وظائف المعيدين المتعثرين إلى وظائف إدارية، بتحوير بعض وظائف الأساتذة المساعدين أو المشاركين، حسب ظروف كل جامعة، إلى وظائف معيدين لتعويض النقص في وظائف المعيدين، وتقليل الخلل بين وظائف أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم.

تعمل الجامعات خطة عاجلة لإعادة تأهيل المعيدين والمحاضرين المتعثرين للعمل في الوظائف الإدارية، بالتنسيق والتعاون مع معهد الإدارة في دورات بنظام التفرغ الكلي أو على رأس العمل.

تنسق الجامعات مع وزارة التعليم في نقل وظائف المعيدين والمحاضرين التي تم تحويرها إلى وظائف إدارية بموظفيها، والزائدة على حاجتها إلى الجامعات الأخرى أو القطاعات الحكومية ذات الاحتياج الأكبر.

@drAlshreefTalal