لؤي مطبقاني

داووا كورونا بالصدقة

السبت - 04 أبريل 2020

Sat - 04 Apr 2020

منذ أن ظهرت جائحة كورونا ونحن متسمرون أمام الشاشات ونتابع الصحف أو مواقع التواصل، نرقب أمرا ملكيا أو قرارا حكوميا وجهت به القيادة للتعامل مع هذا الظرف الاستثنائي والتخفيف من وطأته.

ولن تسع المساحة هنا للحديث عن شعور المواطنين والمقيمين بالمملكة من أجانب وعرب وجنسيات الأرض كلها بمختلف مناصبهم، سفراء ورجال أعمال وقيادات وموظفين وعاملين، تجاه ما تقوم به المملكة من خطوات تسبق بها غيرها من الدول، وتستبق تفشي المرض وتسعى إلى احتوائه والوصول بإذن الله قريبا إلى التخلص منه.

وتثلج الصدر مقاطع تصلنا دون توقف عن المقارنات التي يجريها سكان دول العالم بين ما يشاهدونه حيث يقيمون، أو بالأدق ما يعانونه، بما يصلهم من أقاربهم أو عبر المنصات نفسها عن الأحوال في بلادنا وظروف المعيشة.

رمضان على الأبواب، وفي كل عام تشهد مساجدنا تجمعات مباركة كبيرة حولها على موائد الإفطار التي يقدمها جيران المساجد ورعاتها والمحسنون تبرعا واحتسابا للأجر، ويستوقفك عند كل إشارة مرور أبطال من شبابنا وبناتنا يقدمون لك وجبة إفطار يحتسب موزعها الأجر مرتين، مرة بإفطارك، ومرة بإسهامه في أن تقود سيارتك بتأن حتى لا تتعجل للوصول إلى مقصدك قبل الإفطار فيحدث ما لا تحمد عقباه من حوادث.

لكن جائحة كورونا اليوم فرضت ظروفا مختلفة ألقت بظلالها على الجميع، وكانت أشد وطأة على الفئات التي تعتمد في جني قوتها على أعمال يومية أو على الخدمات المقدمة للناس ضمن نشاط الأسواق والأعمال المختلفة، خاصة ممن لم يشملهم الدعم بصوره المختلفة، وهؤلاء في غالبهم سواء كانوا من المواطنين أو المقيمين توقف مصدر دخلهم بسبب الاحترازات.

وبالرغم من نداءات المسؤولين بالمكوث في البيت وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، لا تنفك تصلنا مقاطع مصورة لتجمعات هذه الفئات في الشوارع، مؤملين بأن يظفروا بعمل يعودون بعده بما يسد رمقهم لهذا اليوم.

المشكلة الأخطر في هذه التجمعات أنها يمكن أن تكون ناقلة للعدوى في الاتجاهين، سواء للبيوت أو الورش التي ستعمل فيها أو إلى المخالطين لها، وبالتالي إجهاض كل الجهود التي تهدف إلى محاصرة المرض والقضاء عليه، أليست مساعدة وإطعام هؤلاء من أبواب الخير التي تماثل أو ربما تزيد تفطير الصائمين وأعمال الخير التي تنشط في رمضان؟ خاصة أن نفعها متعد في درء المفسدة وجلب المصلحة، لماذا إذن لا نقدم على فعل الخير الآن وهو الوقت المناسب بدلا من أن ننتظر شهر رمضان؟

بالتأكيد لست مؤهلا للفتوى، ولست أفضل من غيري في اقتراح التكييف الشرعي أو الآلية المطلوبة لتنفيذ اقتراح لتحقيق هذا الغرض، بحيث تُعد وجبات متكاملة للإطعام، يكون الإشراف عليها في أماكن معتمدة من البلديات حول المملكة، وتعبئتها بشكل لائق يضمن سلامة محتوياتها وضمان وصولها دون التعرض للتلوث أو الفساد، وتوزع بالتنسيق مع الجهات الأمنية والدوريات المنتشرة في الأحياء والتقاطعات بالمناطق الأكثر احتياجا أو تكدسا للأفراد والعائلات، بما يضمن التباعد الاجتماعي المطلوب حاليا في كل الاتجاهات ويحفظ كرامة هذه الفئة.

من هذا المنطلق أقترح أيضا إنشاء حساب بنكي موحد يخصص للتبرع في هذا المجال، يستقبل تبرعات المحسنين بشكل الكتروني من منازلهم كل بحسب قدرته، ليشمل الأجر كل من يسعى إليه ويريد التبرع، ويكون تحت إشراف جهة حكومية أو الجمعيات الخيرية، التي يمكن الاستفادة من قواعد بياناتها النظامية المعتمدة في المملكة للوصول إلى أكثر الفئات احتياجا، خاصة أن أمكنة تجمع الفئات التي سبق ذكرها معروفة غالبا، وبالتحديد في الأحياء الشعبية، وكل ذلك يصب في توحيد الجهود والالتزام بشكل كامل بالتوجيهات الحكومية بمنع التجول.

هذا وقت الصدقة والتبرع والتكافل، والريال يؤجرك إلهه وإلهنا جميعا بأضعافه، فهو يستحق الشكر على قبول الصدقة أكثر مما نستحق الشكر على إعطائها.

وقفة:

سمعت أم أبنائي تنصحهم بالصلاة في وقتها وتروي جملة سمعتها من صديقة تقول «لما يناديك سيدك، سيب إلي في إيدك». فلنبادر بإطعام المحتاج في شعبان سائلين الله أن يبلغنا رمضان ويعيننا على مزيد من البذل فيه.