مانع اليامي

خريطة الأيام

الخميس - 26 مارس 2020

Thu - 26 Mar 2020

تحيلنا بعض الأيام إلى أرشيف الماضي، لحظات تأمل تقودنا إلى الوقوف على أطلال دورة الزمن المحملة أحيانا بالمصاعب شديدة التأثير على أكثر من وجه، وفي أكثر من وجهة، على الأقل في تاريخ من سبقونا والبعض منا، كما تحيلنا، أي بعض سالف الأيام، إلى الذكريات المفتوحة بتواضع على الاحتفاء، وهي معدودة ولها محددات على أقل التقديرات عندي.

لكل منا تجربته مع الأولى ومع الثانية أيضا، والثابت أن الأسرار تتجول في النفوس ولها وقعها بحسب الحالة، منها ما تسمح دورة الزمن بإطلاق سراحه ومنها ما هو مسجون. شئنا أم أبينا هذا هو الحال، ثمة من عانى وصبر وانتصر على أقسى الظروف رغم محدودية الإمكانات وقلة التوجيه وغياب التحفيز، وتقديري أنهم كثر تميزوا بالصدق والحضور المشرف، وإن غاب بعضهم عبرت عن وجوده قصة كفاح أو عمل طيب، وهناك من وجد نفسه رقما في سجلات المجتمع بلا مشقة ولا تعب، وفي الحقيقة بلا هوية عدا تلك التي تدل صراحة على حقيقة الانتماء إلى مدرسة أهل الدرك الأسفل، وهم في واقعنا المعيش حتى وإن كانوا قلة يتحركون، ولهم قبول عند ضعفاء الفطنة، ولهم بحسب الظاهر تأثير على البسطاء الذين يسيرون في طريق واحدة ذهابا وإيابا ولا يلتفتون كثيرا.

الذاكرة القصيرة مشكلة جاري الأيام، هذا ما يمكن استنتاجه وقد تمددت المساحة في وجه المنافقين وزادت فرص الحضور والقبول، وفي العودة لمحفوظات التاريخ نجد أن العكس هو ما كان سائدا، حيث لا مكان للانتهازيين ولا المنافقين، لهذا كان من الطبيعي انحسارهم حينذاك.

ما الذي يجري في سائر أيامنا؟ هذا هو السؤال الذي يخرج من بطنه سؤال آخر أحسبه شديد السخونة، وهو لماذا تنحني بعض شرائح المجتمع ومنهم وجهاء وعقلاء للمنافقين وأهل المواقف الردية؟ هل ما يحدث تسامح أم ضعف أم استسلام؟ في كل الأحوال الخلل قائم والتحول إلى مجتمع هش ليس من المستحيلات والحال كما هو.

انتهت المساحة وأمام المجتمع مساحة للتأمل والتفكير. ختاما، قوة المجتمع في مصارحة نفسه، هذا هو المستخلص من دروس التاريخ، وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]