طلال الشريف

بين تعليق الدراسة وإيقافها

الاثنين - 23 مارس 2020

Mon - 23 Mar 2020

نجحت وزارة التعليم في اتخاذ قرار تعليق الدراسة مبكرا، كإجراء احترازي لحماية أبنائنا من وباء كورونا واستمرار العملية التعليمية عن بعد، وهو قرار شجاع في ظل ضعف وقصور تطبيقات التعليم عن بعد قبل الأزمة.

ومنذ اتخاذ القرار وبدعم كبير من الوزارة استنفرت القطاعات التعليمية وسخرت كل طاقاتها ومواردها لتنفيذ قرار الوزارة، وحتى الساعة وبعد مرور أسبوعين تقريبا تباينت الآراء والمعلومات والتقارير والإحصاءات الأولية وردود أفعال المتعلمين والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس الصادرة عن القطاعات التعليمية، مما يعكس وجود شيء من الإرباك في سير عملية التعليم عن بعد بشكل طبيعي وتفاعل كامل ومنتظم بين أطراف العملية التعليمية، باستثناء ما تبثه قنوات عين التعليمية.

وهو أمر طبيعي جدا لتجربة حديثة تطبق على كل قطاعات التعليم العام والعالي في وقت واحد، لكل المناهج الدراسية ولخدمة سبعة ملايين طالب وطالبة تقريبا في مؤسسات التعليم العام والعالي، وحوالي 600 ألف معلم وعضو هيئة تدريس.

ونعزو ذلك الإرباك إلى أسباب أهمها عدم توفر البنى التحتية القوية لتطبيقات التعليم عن بعد في بعض مؤسسات التعليم العام والعالي، والضغط الكبير على شبكات الاتصال، وضعف وقلة منصات التعلم المتاحة، وضعف مهارات المعلمين وأعضاء هيئة التدريس والطلاب في التعامل مع تطبيقات التعليم عن بعد، وعدم فهم كثير من أولياء الأمور لتطبيقات التعليم عن بعد مع عدم القدرة على توفير متطلباته داخل المنزل، وعدم قدرتهم على التواجد مع أبنائهم في المنزل لالتزام كثير منهم بأعمالهم، وغياب الشفافية حول واقع وتحديات تطبيقات التعلم عن بعد من قبل المؤسسات التعليمية.

هنا يأتي دور مؤسسات التعليم العام والعالي في تقدير موقفها التعليمي عن بعد، وسرعة التقييم الأولي لتجربتها بكل شفافية ومصداقية لتبيان فاعلية التعليم عن بعد لكل طالب وطالبة من طلابها وبلا استثناء، والشجاعة في إعلان نتيجة ذلك التقييم، وهيئة تقويم التعليم والتدريب أيضا في ممارسة دورها في هذه الأزمة لأن مهمتها تقييم وتقويم التعليم في الظروف الطبيعية وفي وقت الأزمات، ويبقى القرار النهائي للوزارة على ضوء تقييمات وتقارير المؤسسات التعليمية، وهيئة تقويم التعليم والتدريب لاستمرار عملية التعليم عن بعد أو إيقافها.

إن العملية التعليمية في مختلف مؤسسات التعليم العام والعالي لا يمكن أن تحقق أهدافها المنشودة في مناخ يتسم بالغموض والإرباك والتشتت، خاصة أننا نعيش مرحلة تحول نوعي في تطوير نظامنا التربوي وانسجام كبير بين الوزارة ومؤسساتها التعليمية، مما يتطلب المحافظة على جهود التطوير التي سبقت الأزمة حتى لو لزم الأمر في ضوء نتائج التقييم الأولي إيقاف الدراسة لعدة أشهر حتى يزول الوباء بشكل نهائي، ثم تستأنف العملية التعليمية وفق ما كانت عليه قبل الأزمة بعيدا عن الاجتهادات العاطفية حول استكمال المناهج الدراسة والاختبارات الدورية والنهائية، وتوجيه المؤسسات التعليمية باستخلاص الدروس المستفادة من التجربة والعمل الحثيث على تذليل التحديات التي تواجه عملية التعليم عن بعد وتفعيله مستقبلا بشكل منتظم وجزئي كنمط من أنماط التعلم المعاصر.

@drAlshreefTalal