مانع اليامي

لا تحشر أنفك!

الخميس - 19 مارس 2020

Thu - 19 Mar 2020

كفى بالتدخل في شؤون الآخرين عيبا أن يجعل المرء نفسه ثقيل حضور، مزعجا منبوذا، أقول هذا عطفا على ملاحظات شخصية رصدتها مرات كثيرة، وتحديدا حال تعرض بعض الأسر أو الأشخاص معارف كانوا أو أصدقاء وأقارب لظروف معينة، كان آخرها جديد عهد ويتعلق بأمر لا يحتمل التدخلات، ولا الثرثرة ومحاولة الظهور على حساب وضع من يعنيهم الأمر، وهو وضع حرج لا يحتمل غير المواساة اللطيفة والحضور الخفيف المؤدب، وأولا وأخيرا دعاء رب العالمين سبحانه بإخلاص وطهارة لتخفيف المصاب.

في هذه الحالة رغم خصوصيتها وكثرة تعقيداتها كثرت تدخلات البعض، حتى ضاقت صدور أهل الشأن وتشتت تفكيرهم، رغم قوة بأسهم وعظيم صبرهم. أمام هذه الحالة ومثلها يثور غبار الأسئلة بقيادة: متى يخرج البعض من سجن الفهم الخاطئ لمفهوم العلاقات المجتمعية وحدود العلاقات الأسرية ودرجاتها؟ ثمة حدود لا تسمح بالتلصص على الشؤون الخاصة للأقارب والمعارف، خاصة الصحية، ومحاولة التكسب منها، أي كشفها للآخرين بقصد إثبات المؤازرة والقيام بالواجب.

يمكن لأي منا الوقوف إلى جانب الآخر قريبا كان أو صديقا وقت الشدائد، دون الإفراط في الظهور والتدخل في الخصوصيات وتعقب التفاصيل، والثابت أن عيون العقلاء لا تخطئ أبواب الصحيحة.

الأدهى أن الأمور لا تتوقف عند حدود التدخلات أحيانا، فثمة من يحول المكان إلى فوضى الاستعراض في الوقت الخطأ والمكان الخطأ، ومن غير المستغرب وقوع هذه الفئة من الناس في المحذور، وقد تعودوا الخروج على أدبيات المجالس، وفتشوا في جيوب خصوصيات الآخرين، وللمراقب أن يخرج بحالات كثيرة، وهنا يكون على المجتمع واجب التبصير، وبداية كل إنسان بمن حوله، فطغيان السلوكيات المشينة لا يخدم المجتمع إطلاقا، وتبقى المصيبة في تقبل المجتمع نفسه لهذه السلوكيات من باب المجاملة لكل شيء إلى حد الموت في النفاق.

في وجه العموم التدخل في شؤون الغير ليس من الإخلاق في شيء، والمتعارف عليه أن أتباع هذا السلوك اللا أخلاقي يعانون من اضطرابات نفسية، تعكسها سذاجتهم وثرثرتهم، وهم في الحقيقة وبحسب آراء وتقديرات أهل الاختصاص الصحي النفسي يعانون من فراغ في حياتهم، ويفتقدون في الوقت نفسه معرفة المساحة النفسية المسموح دخولها مع الآخرين، ويبقى الشعور بالنقص أكثر ما يدفعهم إلى اقتحام هذه المساحة.

ختاما، العلاج في يد المجتمع، أنتهي هنا، وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]