فهد عبدالله

كورونا والمسؤولية الاجتماعية للشركات

الخميس - 19 مارس 2020

Thu - 19 Mar 2020

من خلال النقاشات العلمية مع أصحاب الاختصاص في السلامة والصحة المهنية، في إطار خطط الطوارئ والكوارث للشركات التي تكون معدة سلفا، لم يكن بند الأمراض المعدية والأوبئة ذا حضور واضح في ثناياها، مما جعل فيروس كورونا الجديد (COVID-19) أحد أهم الأبواب التي يجب تحديثها بشكل عاجل ومهم ومستمر، حتى تحافظ الشركات والمؤسسات على أفضل صورة تفاعلية لتجاوز تحدي الأوبئة والأمراض المعدية من خلال الحفاظ على كوادرها ومنتجاتها ودورها الاجتماعي المطلوب.

وأهم تلك الأدوار التي يجب أن تكون على رأس الأولويات في مثل هذه الجائحة أن تضع الشركات أولوياتها في حالة توافقية مع الخطط الوطنية العليا في إدارة هذه الأزمة والمساندة بكل المسؤوليات الاجتماعية تجاه محاصرة هذا الخطر، والتقليل من أثره، وذلك ليس من نافلة العمل، إنما واجب وطني بامتياز.

وفي تجربة الشركات الصينية في مساندتها الفاعلة والحيوية تجاه هذه الأزمة مثال ناصع للأدوار المثالية التي تقوم بها الشركات ومؤسسات المجتمع المدني، تجاه البلد الذي يحتويها ويحتوي استثماراتها. فبعض الشركات مثل (Baidu، Bank of China) وغيرها من الشركات جعلت أهم واجباتها في هذه الأزمة قائمة على سلاسل الإمداد، لضمان وجود ما يكفي من المواد، بما في ذلك الأقنعة الجراحية والمطهرات والبدلات الواقية ونظارات السلامة للكوادر الطبية في الخطوط الأمامية، وشركات أخرى مثل (BYD، Foxconn) أعدت خطوط إنتاج مؤقتة للكمامات والمعقمات.

شركات التوصيل مثل (SF Express) قامت على توصيل المستلزمات الأساسية للمقيمين بمدينة ووهان، وتبرعت شركة (Dongfeng-Xiaokang) بمركبات لتسهيل نقل الإمدادات، بينما نشرت شركة (JD Logistics) روبوتات آليه لتسليم الإمدادات في الميل الأخير في مستشفيات ووهان.

وساهمت الشركات في تجاوز التحدي الكبير أثناء بداية الأزمة وهو النقص في أسرة المستشفيات من خلال بناء مستشفى هووشينشان بسعة 1000 سرير ومستشفى ليشينشان بسعة 1600 سرير في ووهان، وكلاهما بني في أقل من 10 أيام.

ومدت الشركة الصينية (State Grid Corporation) الطاقة لهذه المنشآت في وقت وجيز، وأنشأت شركتا (Huawei، China Telecom) مركز تشخيص مرئي عن بعد مزودا بتقنية 5G، والذي يمكن الطاقم الطبي من إجراء استشارات مع المرضى

عن بعد.

شركة (Baidu) استحدثت خاصية في تطبيقها Baidu Map تعرض الأماكن التي يتواجد بها الفيروس كحالات مؤكدة ومشتبه بها حتى يتسنى للآخرين الابتعاد عن هذه الأماكن. كما أطلقت شركة (Qihoo 360 ) منصة تبين للمسافرين سواء في

الطائرات أو القطارات ما إذا كان أحد الركاب تبين لاحقا بأنه مصاب بالفيروس، حتى ينخرطوا في إجراءات العزل الصحي مباشرة من تلقاء أنفسهم.

شركة (Tencent) أطلقت تطبيقا يسمح للمستخدمين بالبحث عن أقرب العيادات، وشركات عديدة جعلت من استشاراتها الطبية مجانية مثل شركتي (JD Health, Good Doctor).

شركة (Huawei) أضافت ميزات جديدة في تطبيقها (WeLink) المخصص للاجتماعات عن بعد، منها الزيادة في حصص الوقت الخاصة بالمشتركين, وشركة (ByteDance) جعلت من تطبيقها (Feishu) ذا النسخة التجارية مجانيا لمدة ثلاث سنوات لجميع الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات غير الحكومية والمستشفيات.

أكاديميات التعليم عن بعد أيضا قدمت خدماتها الاستثمارية بشكل مجاني لجميع الطلاب مثل أكاديميات (Liulishuo, Onion Academy). كما فتحت شركة (Alibaba) بفروعها التعليمية فصولا دراسية تفاعلية عن بعد بين المعلمين والطلاب.

وأنشأت شركة (BGI) مختبر (Huoyan) مجانا بمدينة ووهان، ويهدف إلى تسريع عمليات اختبار الحالات، كما عرضت (Alibaba Cloud) إمكانات الحوسبة بالذكاء الاصطناعي لمؤسسات البحث العامة مجانا لدعم دراسات تسلسل جينات الفيروسات، وأطلقت شركة (Infervision) حل الذكاء الاصطناعي (Coronavirus AI) وهو برنامج ذكاء اصطناعي لأطباء الخط الأمامي للكشف عن المرض ومراقبته على الأشعة المقطعية، كما تبرعت (Neusoft Medical) بأحدث أجهزة التصوير المقطعي والتصوير الطبي بالذكاء الاصطناعي للمستشفيات في ووهان.

المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها الشركات من حيث تطور ورفاهية المجتمع والتنمية المستدامة بكل أشكالها، بما فيها الصحية والبيئية في هذا الوضع الراهن، ليست مجرد أدوار إضافية تأتي على هامش الأعمال الأساسية (Core business)، وإنما تقع على رأس الأنشطة التي يجب أن تسبق الإنتاج والربح والاعتبارات التشغيلية. أرجو أن يكون هناك سنة حسنة تفعلها الشركات من حيث التنافسية في خدمة الوطن والمواطن في تجاوز هذا التحدي الجديد.

fahdabdullahz@